الخميس، 20 أغسطس 2009

ومن حكومة النهب .. لثقافة النصب

لا شك أن طيلة الحقبة الماضية لم تطل علينا السينما بثقافة إيجابية تتناولها و تُرسخ لها فى الأذهان بل والأعماق

فمن ثقافة الفقر التى كانت تتناولها السينما المصرية فتبرمج المشاهد بموجبها بحيث يبقى فقيرا للأبد فلا تمرد ولا عصيان على الأوضاع.. معددة له حسنات الفقر والمخاوف والمحاذير التى من الممكن أن يقع فيها إذا تمرد على مسببات فقره وخرج من شرنقته

ومن ثقافة العنف والجريمة إلى ثقافة الجنس كانت تتنوع السينما المصرية إلى الثقافة الميكافيللية فيخرج علينا البطل الطامح للعلا بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة

وبالرغم من فساد تلك الثقافات بداية من ثقافة الفقر الذى عدته السينما نعمة وتمنى سيدنا على بن أبى طالب أن يتجسد له رجلا فيقتله ولكن كانت السينما بنظرة أعمق تجسد لنا الإنسان الفقير سعيدا حتى ندعو للحكومة بالرخاء لتدِم علينا الفقر

وإلى هنا ربما كان هناك ولو إيجابية بسيطة وراء الحيلة التى انطلت على بسطاء الوطن ألا وهى الرضا بالمقسوم من شظف العيش وإن لم يحاولوا تغيير أسبابه فتقدم لنا السم فى العسل


لا أدعِ انتظار مبادىء أو قيمة تقدم من خلال هذا الإعلام الموجه ولكن على الأقل العشر دقائق التى كانت تتوسط الفيلم أو تنهيه فيأتى البطل لنا بحكمة نافذة ..أو يصحو ضميره فيندم على ساعة ونصف من المهزلة الأخلاقية التى تجرعها المشاهد

إما وأن تطل علينا السينما هذا العام بثقافة النصب وتأصّلها وتعمقها فى نفوس الناس حتى يألف الناس مصطلح النصب بل ويتغير مفهومه ومضمونه من خلال فيلمين شاهدتهما

وكما قيل دوما أن السينما ليست إلا محاكاة للواقع وكان هذا هو واقع الحال ومن قبله واقع الوزارة التى أطلت علينا بهذه الثقافة وواقع الحكومة التى ضمتها

ولم لا تُدعم وترسخ الحكومة قيمة النصب وهى من تمارسها على أبنائها, فتقول أن النهب ليس حراما, والنصب أصبح فضيلة فليسع كل مواطن إلى أخذ الدورات المكثقة فى تعلم النصب

ولا عجب فى أن نر بعد ذلك إعلانات فى الصحف عن المعاهد التعليمية التى تمنح الدارس دبلومة النصب والمراكز التى تؤهلك لدورة النهب



فيلم (الشبح) لعمرو عرفة وبطولة أحمد عز وفيلم (كده رضا) لأحمد نادر جلال وبطولة أحمد حلمى


فالفيلم الأول(الشبح) تنتهى أزمة البطل فيه بتكتيك عالى لينصب مبلغ 10 مليون جنيه عن طريق الخداع وينتهى الفيلم والبطل وأصدقاؤه يحلمون بتوزيع الثروة التى جاءت لترسم السعادة على الوجوه بعد عناء والبسمة على الشفاة بعد شقاء

أتصور أن الفيلم كان من الممكن أن ينتهى دون تنفيذ عملية النصب أو تراجع البطل عنها ولن يخل حذفه بالعمل الدرامى حيث أن الفيلم بوليسيا ويعتمد على كشف لغز منذ بدايته

ولكنها القيمة التى أردات السينما أن تقدمها وهى أن لن تنجح أو تصبح غنيا إلا من خلال عملية نصب ..وهنا لا قيمة للعمل ولا للأخلاق ولا لأى قيمة

أما الفيلم الثانى (كده رضا) فلن يختلف كثيرا عن الأول فالبطل الذى يجسد ثلاث شخصيات يعتمد فى عمله على النصب ولا شىء إلا النصب

فالفيلم يدور حول عمليات النصب الذى يقوم بها الشخصيات الثلاثة فى رغبة قوية لإقناع وإضحاك المشاهد
وهنا ولا زلت أنتظر أن يفيق أحد الشخصيات التى يجسدها نفس البطل ليتمرد على عمله ويزاول عملا شريفا

ولكن تتصاعد أحداث الفيلم وتتصاعد معه طرق النصب حتى يخسر البطل كل ما كسبه نصبا من خلال عملية نصب أيضا


وهنا وكان من الممكن أن ينته الفيلم برسالة جيدة ولكن فى آخر عشر دقائق تأتى الرساله بعملية نصب كانت مفاجأة لباقى الشخصيات فيهللون ويبتهلون وكأنها جائزة السماء

وينتهى الفيلم وسط سعادة الجميع وتصفيق الجمهور وحزنى الدفين على الجمهورالذى كان معظمه من الشباب فترسخ لديه رسالة بألا تحزن فربما يمن عليك الله بعملية نصب كبيرة فلا تعمل ولا تدرس ولا حتى تحلم حلماً شريفاً فلربما يخرج حلمك للواقع

فقط........


تعلم .........كيف تصبح نصابا؟؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Wordpress Theme | Bloggerized by Free Blogger Templates | coupon codes تعريب : ق,ب,م