السبت، 25 ديسمبر 2010

اذهب وربِّ كلباً



عندما ينفصل الزوجان فى الأفلام الأمريكية، ويعانى الزوج الوحدة ومن ثم الاكتئاب؛ فيذهب لطبيب أمراض نفسية، ويسرد له معاناته مع الوحدة وافتقاد الأسرة فينصحه "اذهب ورب كلبا"

وتتكرر النصيحة من أخصائيين نفسانيين، أو أطباء فى معظم الأفلام الاجتماعية التى يعانى أحد أبطالها الوحدة والاكتئاب

وهنا نجد أن الكلب شيئ هام وأساسي فى الأسرة الأمريكية ، وينال قدرا أكثر أهمية حينما يعيش فردا ذكرا أو أثنى وحيدا

فالسيدة العجوز تتكئ على عصاها ؛ لتعد للكلب إفطاره ،والرجل يخرج فى الصباح، ليس لعمله ،ولا لأصدقائه حيث انفض الكل من حوله ؛ ولكن لينزه كلبه

إنه الآخر الذى يدعوهم للحياة، وينتظر عطائهم ؛ ليشعروا أن هناك من ينتظرهم فعليهم أن يتشبثوا بحياتهم التى كثيرا ما نجدهم يتخلصون منهم بسبب الوحدة والاكتئاب

فالمسؤولية قد نعدها ثقيلة، ونحلم باليوم الذى يأتى لنتخلص منها ونعيش بلا أعباء ولا مسؤوليات، ولكن الأشد ثقلا على النفس قبل الجسد هو الإحساس بالفراغ والوحدة، أن تشعر أن ليس هناك أحد يهتم بك أو تهتم به، لا تشكل قيمة أو أهمية فى حياة أى شخص، لاتنتظر أحد ،ولا أحدا ينتظرك

إنه الموت الذى يرتدى رداء الحياة

روت صديقة لى بأن السيدة التى تساعدها فى أعمال المنزل والتى طلقت من زوجها ؛ لأنها لم تنجب وتقطن فى عشوائية تفعل فعلا تتعجب صديقتى له، وهى أنها تستأجرابنة أى أسرة فقيرة لمدة سنوات فتعيش معها ،وتربيها حتى تطلب أسرة الطفلة التى صارت صبية ابنتهم فتعطيها لهم، وتكررالسيدة الفعل مع طفلة أخرى

فقلت لها إن هذه السيدة لابد أن تشعر بأنها تعيش من أجل شخص ما ينتظرها..تقدم له فتحيا، و تعطى له فتسعد لسعادته مرة، وتسعد بعطائها أخرى، فعقل السيدة البسيط هداها إلى نوع من العطاء يحقق لها الحياة.. رغم فاقتها الشديدة ؛ ولكنه إكسيرالحياة

ولو كانت قد نالت قدرا من الوعى ؛ لعرفت طريقاً للمؤسسات الخيرية ودور الأيتام التى قد تجعلها تشعر بقيمتها لأشخاص عدة بدلا من واحد فقط

فلنتخيل لو أن هذه السيدة التى حرمت من الأمومة فتركها زوجها، وبالتالى حرمت من الأسرة فإذا ما أتى عليها الصباح فلمن تقوم؟ ولماذا تعمل؟ وربما تحدثها نفسها من يريدنى؟ ولماذا أعيش؟

فأحيانا المسؤولية التى نتملص نحن منها يبحث عنها غيرنا ؛ ليشعر أنه يحيا من أجل شخص، وأن هناك شخصا ينتظره ويكون مسؤولا عنه

فعقلها البسيط هداها لتلك الفكرة التى قد نتألم لها ؛ ولكنها تسعد بها وتسعد طفلة فقيرة بين كُثر قد لا تنال عُشر الاهتمام الذى ستناله من هذه السيدة ،وتخفف العبء من على أسرة تؤجر ابنتهم لتطعم الآخرين

لم اقتنع بفعلة هذه السيدة ولكننى تعاطفت بشدة معها.. بل ومع الطرفين الآخرين

ووجدت أننا نتملل من نعم كثير مثل فرص العطاء التى نعتبرها مسؤوليات، و التى يبحث عنها آخرون، ويدفعون فيها مالا ليحصلون عليها

ووجدت أننا لم نحتاج أبدا لكلب ليؤنس وحدتنا، فنجعله قضيتنا وأمرنا وهمنا ؛ حتى نستطيع أن نكمل مسيرة الحياة ،فديننا العظيم يدفعنا دفعا لقضايا عدة نحيا من أجلها بل ويدعونا لكى نساعد الآخرين ليحيوا هم أيضا

فيدعونا لنبر أهلنا، ونصل رحمنا ، ونتواصل مع جيراننا، ونرأف بكبارنا ، ونرحم حيواننا، ونحسن إلى إخواننا من أهل الكتاب

بل وجعلنا كالجسد الواحد فى التراحم والتعاطف، وهذا يملى علينا واجبات تصل بنا إلى هذا البنيان القوى،والتشبيه البليغ ، فأى حياة هذه التى نحياها من أجل الغير ، وفى الحقيقة هى من أجلنا أيضا لأن كل هذا العطاء سيكون له مردود علينا لكى نستمر. ونعطى ..ونسعد

إن قيمة العطاء لا تمثل الحياة للطرف الآخر.. ولكنها تمثل قمة الحياة لنا

فقيمتك كإنسان تعلو بعطائك ..وقيمتك للآخر تعلو عنده بعطائك أيضا.. وقيمتك عند الله تفوق السابقتين إذا ما أخلصت النية

أحيانا نعتقد أننا سنسعد أو نحيا حياة أكثر سعادة بعطاء من حولنا، ولكن سنجد فى عطائنا سعادة تفوق سعادتنا عندما نتلقى

فبالرغم أننا والحمد لله لا نحتاج لكلب أو هرة أو أى حيوان نربيه فيؤنس وحدتنا إلا أننا لنا فى كل كبد رطبة أجر

فالكلب الذى كان يلهث غفر الله لمن سقاه

والهرة التى حبستها صاحبتها دخلت فيها النار

يقولون...على قدر عطائك يفتقدك الآخرون

وأقول ..على قدر عطائك ستكسب ذاتك، وتسعد نفسك

فما أجمل القيمة التى تكسبك نفسك والآخر، وتسعدك والآخر، وتمنحكما الدنيا وتهبكما الآخرة

فعطاء اليد يسمو بالنفس وبالروح
ولسان بجميل الكلم يطبب ألم وجروح
ففى السماء لكل منفق ومعط ثواب يلوح
وفى الأرض قلوب تحفك وبالود تفوح

الخميس، 9 ديسمبر 2010

على هامش الهجرة..

وتظل هجرة القلوب قبل هجرة الأجساد لزاما
فالحق أحق أن يتبع، ولو مكث الباطل أزمانا
فهجرة فى سبيله أحب ممن يصوم الشهر قواما
وفى درس الهجرة عبر، وإن فى طريق نجاحه أعوانا
فإن للهجرة عبقاً..ولتاريخها مجدا..وللتضحية عنوانا

ويظل درس الهجرة على مدار القرون يفيض بعظات، ونقتبس منه نورا نهتدى به، يقوم لنا أى اعوجاج

إننا إذا ما نظرنا إلى الهجرة كدرس حياتى، وجدنا أن أبطاله كلهم قاموا بأدوار هامة وجذرية لا يمكن التغاضى عن إى منهم ، وإلا لما نجحت الرحلة

فنجاح المهمة لا يتم بشكل فردى، ولا يكون عن طريق استئثار قائدها بالأوامر ، ولا بعمل البعض وتكاسل الآخرين، بل بتكاتف الجميع، والتخطيط المحكم، وقيام كل شخص بدوره المنوط به على أكمل وجه
والرائع أن درس الهجرة احتوى على جميع النماذج التى يتكون منها المجتمع.. القائد، والخادم ،المسلم، وغير المسلم، الرجل، والمرأة، وجميعهم عناصر هامة تعمل معاً فى مجتمع واحد

وفى الهجرة نتأمل مواقف عدة، فنجد فى كل موقف درسا عظيما يقف عنده القارئ العادى الذى تسترعيه تلك المواقف إذا ما أسقطها على واقعنا اليوم، ودعونا نتأمل درس الهجرة ،ونضع لبعض المواقف عنوانا نتأمله ونقف عنده برهة بين الماضى والحاضر
حب الوطن
غادر الرسول صلوات الله وسلامه عليه مكة وهو ينظر إليها حزينا وهو يقول "والله إني لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت".
فجميعنا لم نخرج من أوطاننا رغبة فى ترف أوعدم انتماء للوطن ، ولا ضير أن ندعو الله أن يحبب إلينا ما نقطن فيه كما حبب إلينا أوطاننا كما قال الرسول " اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة"
أما اجترار الذكريات والحديث عن الغربة فلكل ذلك شجون وآلام لا يستوى معها الإنسان وتحرمه من السلام النفسى

نعم ..نحب وطننا ونخلص له..وندعو الله أن يحبب لنا ما رحلنا إليه.. فحب الوطن من الإيمان والوفاء له واجب، والحنين للعودة ليس مستهجنا
التضحية
إحداث التغيير لابد له من شجاعة ، ومن ثم تضحية، فليس هناك معركة بلا شهداء، ولاثورة بلا ضحايا، فالتغيير لا يتزعمه أبطال وقط ، بل التغيير يلزمه القائد والفدائى
وهذا علي بن أبي طالب" الشاب يتعرَّض للتضحية الكبرى، ويقدم علي الفدائية ، فينام في فراش الرسول ليلة الهجرة، وهو يعلم أن سيوف المشركين تستعد للانقضاض على النائم فوق هذا الفراش، ويظل علي في مكة بعد ذلك يؤدي الأمانات إلى أهلها، ثم يهاجر منفردًا في ثقة وإيمان ، فكان هذا مثالا للتضحية بالنفس
وللتضحية بالمال نتذكر صهيب بن سنان لما أراد الهجرة وأرادت قريش منعه، فما كان منه إلا أن ضحَّى بماله كله في سبيل هجرته إلى الله عز وجل.

صاحب السفر والغربة
إن للسفر رهبة وللغربة مرارة لا ننكرها والَفَطِن من لايزيد مراراته بأخرى فتصير علقما..فالصديق المخلص يخفف العلقم فيجعله شرابا سائغا
فالسفر يحتاج لمن يؤازك ، ويشدد على يدك، وقديما قالوا "اختار الرفيق قبل الطريق" فقد قال عليه الصلاة والسلام "مانفعنى مال أحد بماله مثلما نفعنى مال أبى بكر"
وفى ذلك درس حتى لا يشق علينا الطريق، وتزداد شقوته برفيق سىء

فرفيق الدرب يلطف، ورفيق الحياة يخفف، ورفيق الرحلة والسفر يكفكف

وقد كان أبى بكر خير رفيق للرسول صلى الله عليه وسلم فى رحلة الهجرة، وقد اختاره الرسول ليكون له رفيقا ومعاونا فى رحلة مشقة وغربة
الكفاءة
ليس للمحاباة أو المجاملة مكانا فى عمل جاد؛ فالكفاءة والأمانة هما معيارا الاختيار، فقد اختار الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط المشرك ،وهو الماهر بمسالك الطريق فكان لهما دليلا ،وهنا نتوقف أمام الانتقاء الجيد والتوظيف الأمثل لذوى الكفاءة دون النظر لتعصب قبلى أو دينى
دور المرأة
كان للمرأة دورا فى الهجرة وهو دورا لا يقل أهمية عن دور جميع أبطال الهجرة، فقد تولت المرأة المسلمة في تلك اللحظات العسيرة معاونة الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه في مسيرتهما،
فهذه "عائشة" الصبيَّة تعد الطعام للمهاجرين العظيمين، كما تأخذ أسماء بنت أبي بكر مسيرتها إلى الغار فى غسق الليل، أو تباشير الفجر لا تبال بوحشة طريق، وبزاد أعدته لصاحب الرسالة وصاحبه فتشق نطاقها لتربط به الزاد والماء ،ويربط الله على قلبها، وتحتار قريش إلى أين اتجه محمد؟ ويذهب أبو جهل إلى دار أبي بكر ، وعندما تفتح أسماء الباب يضربها على وجهها فيشق أذنها ويسيل الدم،

لكن المؤمنة القوية الثابتة تقف في شجاعة وتقول ماذا تريد؟ فيقول: محمد.. وتصر على أنها لا تعلم أين محمد

بل ويظهر جلياً دور الثبات والثقة حين تخبر جدها لأبيها فى حكمة وفطنة بالمال الذى تركه أبو بكر وهو ليس إلا كومة من الحجارة يتحسسها الشيخ الكفيف.. فيطمئن قلبه
قد تكون المرأة طاهية طعام, ومربية أجيال , ولكنها صاحبة رسالة تؤديها فى إخلاص وإيمان بالله تعالى، وهنا لا نغفل دور المرأة فى أى موقع
الثقة
الثقة بالله تعالى حتى ولو بين الظالم قيد أنملة من المظلوم فحين وصل الكفار لغار ثور، وكانا الرسول وأبى بكر بداخله خشى ابو بكر أن يراهما الكفار وقال للرسول ولو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا فقال له الرسول بثقة يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا" فنصرهما الله لثقتهما فيه بأضعف جنده وهو العنكبوت

وحين أعلنت قريش عن جائزة لمن يعثر على محمد صلى الله عليه وسلم وصل سراقة فعلاً إلى حيث رأى الرسول فما كان من الرسول فى هذا الموقف حيث لا عدة ولا عتاد الا ثقته بالله تعالى، فدعا على سراقة، فغاصت قوائم فرسه في الأرض، ثم عفا عنه بعدما تعهد بعدم إخبار قريش بمكانهم ، وهنا كان للثقة فى نصر الله دورا ، واليقين بإجابة المضطر إذا دعاه
العدل
لا تستقيم الحياة دون العدل ولا يحق لنا تحت أى ظرف أو ضغط ألا نقيمه، والمثال بسيط للغاية فحين وصل الرسول للمدينة ،ودعاه الصحابة للمبيت عنده، فخشى الرسول أن يفضل أحدا على الآخر ، فتميل كفة العدل ولو ميلا طفيفا ، وكان هذا عدلا منه، وقد ترك ناقته ليقيم حيث تبرك فبركت في مكان يملكه غلامان من الأنصار، وقد أراد الغلامان أن يهبا أرضهما للرسول (ص) ،فرفض الرسول واشتراها منهما وكان فى ذلك تطبيقا لقيمة العدل التى يجب ألا نغفلها فى أى موقف
التخطيط
سبق كل هذه الوقفات حسن التخطيط فقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على التنظيم الدقيق للهجرة، رغم ما كان فيها من صعاب، فنجد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الانتقاء الجيد والتوظيف الأمثل لكل مَن عاونه في أمر الهجرة،فالتخطيط نوع من التوكل على الله، فهو امتثالا لأمره بإتقان العمل
فالقائد محمد، والمساعد أبو بكر، والفدائي عليٌّ بن أبى طالب ، ومسؤول المخابرات عبد الله بن أبى بكر، وتمويه العدو عامر بن فهيرة، ومرشد الرحلة عبد الله بن أريقط،، ومسؤول المؤن أسماء بن أبى بكر، والمكان المؤقت غار ثور، وموعد الانطلاق بعد ثلاثة أيام، وخط السير الطريق الساحلي.
وهذا كله دليل على حسن التخطيط ،وإتقان العمل، والحكمة والكياسة، والأخذ بالأسباب، والتوكل على الله مسبب هذه الأسباب
فقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يوظِّف كلَّ فرد في العمل المناسب له، والذي يجيد القيام به على أحسن وجه، مما جعل من هؤلاء الأفراد وحدة متكاتفة متعاونة لتحقيق الهدف


كل ما سبق من وقفات نتأملها ليست إلا غيض من فيض فى رحلة الهجرة العظيمة ، فالسيرة النبوية ليست "حدوتة قبل النوم" نسردها على أبنائنا أو نحتفل بها من خلال تناول حلوى ،أو مظاهر سطحية ، بل للعبرة والعظة، ولنسقط تاريخا جليلا حفره أبطالا بالأمس على واقع يحتاج لمن ينهض به اليوم

فلربما ننجح فى التغيير إذا ما صدقنا الوعد، وشددنا العزم، وأجدنا التخطيط ، وتوكلنا على العلى القدير

الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

على رسلكم...إنه عمرو



وسوء الظن أشد من رمح أصاب قتيل
فمهلا يامن ترمون بالكريم الأباطيل
وما العيب إلا بعين ترى الكبير قليل
فإن رفع هامته فذاك كبر،وإن تواضع فهو ذليل


حث النبي صلى الله عليه وسلم على حسن الظن واجتناب سوء الظن ذلك كما جاء عن صفية بنت حيي أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها ، حتى إذا بلغت باب المسجد مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: (على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي) فقالا: سبحان الله يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً)

كثيرا ما تأملت هذا الموقف الرائع الذى يعلمنا الكثير، ويكاشفنا أمام أنفسنا
فمهما ادعينا الشفافية ونقاء السريرة، إلا أن الشيطان الذى حاول أن يقذف فى قلوب الصحابة شيئا، فلابد وأن يحاول أن يقذف اليوم فى قلوبنا أشياء

ونحن مجتمع يتصيد الأخطاء بل، وينتظرها وينال من الرموز ،ويشوهها لا أدرى هل هذا من فساد الزمن أم من فسادنا ، أم حتى يكون مبررا للمفسد ليعيث فى فساده، وللمذنب راحة لضميره

وكما قال الشاعر

أرى حللا تصان على أناس*** وأخلاقا تداس فلا تصان
يقولون الزمان به فساد ***هم فسدوا وما فسد الزمان


فإن كان الشيطان خاب وخسر قد حاول ان ينال من الرسول وزوجه فى ظن الصحابة

فها هو حاول وبعد قرون أن ينال من داعية له باعٍ كبير من الدعوة إلى الخير فى ظننا به

فنجد أن هناك من يقول إنها صفقة، ومنهم من يقول حسابات خاطئة ،وآخرون يقولون لقد ضل وباع نفسه لحزب سيء السمعة

وإذا مثلنا الموقف بآخر بسيط للغاية

شخص يريد الدخول لفلسطين للجهاد ولمساعدة إخواننا فى فلسطين، وضاقت به السبل، ولم يجد غير التأشيرة الإسرائيلية التى ستلوث جواز سفره

فهل ينتفض ويرفض هذا الدنس ليحتفظ بجوازه ناصع البياض بجانب مستقبل خالٍ من الجهاد أم يقبل مضطرا لأن الهدف ليس سياحة أو نزهة بل أسمى وأرقى.. إنه الطريق إلى الجنة

"ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله"

إن عمرو خالد لم يذهب للإسكندرية لدعاية حزب، ولا مرشح، ولا مهاجماً آخر

لم يذهب إلا ليقول ربى الله..كانت هذه رسالته طيلة سنين دعوته

دعونا نحسن الظن بمن أحسن بشبابنا الظن، وروى بذرة الخير بداخلهم حتى أصبحت شجرة طيبة تؤتى أكلها لمن حولها

كان يمكن لعمرو خالد أن يعلن عن هذا العرض ويرفضه حتى يكسب شعبية أكثر إن صدق قولهم

وهل يسعى لشعبية محلية فى مدينة، وهو يحظى بشعبية ملايين عبر الفضائيات التى هى عالمية وليست محلية!

كان يمكن لعمرو خالد أن يتزعم موقفا بطوليا ..ولكنه لا يسعى لشعبية ولا لشهرة... ولكنها الرسالة

الرسالة التى أخرجته من مصر ..والرسالة التى جعلته يعود لوطن أُبعد عنه..والرسالة التى تملى عليه قوله تعالى

"فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ"

هذه الآية الكريمة أمر من الله عز وجل للرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أن يقوم... بتذكير العباد وهي مهمته... و أنه عليه الصلاة والسلام مُذكر وليس بمسلط على العباد لإكراههم وإجبارهم

فمن يحمل رسالة أو دعوة ليس له أن يختار من يذكرهم، ولا المكان الذى ينشر فيه دعوته ورسالته، ولكن يحمى الرسالة من الاستغلال، وقد فعلها عمرو خالد حين أعلن وصراحة انه ليس مع حزب ولا ضد آخر ولا يعلن لمرشح، وإنما قال خلوا بينى وبين الناس من باب إزالة العوائق وكسر الحواجز بين الدعاة والناس حيث لا شروط لمكان أو أشخاص

ففقد كانت الداعية زينب الغزالى رحمها الله تدعو العاهرات وتذهب لهن فى عنبر المستشفى الخاص بهن لعلاجهن من الأمراض التى تتناقل لهم من ممارستهن للرذيلة، وقد كانت سببا فى هداية الكثيرات منهن، وأقامت لهن مشروعات يتكسبن منها بعد تعافيهن

فدعوه لدعوته، وكفوا عن تلاسنكم

فالمجتمع أصبح يتلاسن ، ولا يعمل ، ثم صار ينال من الرموز ويتهمهم بما لايليق

فلو أعرض عمرو خالد عن الدعوة ورفض العودة للوطن لاتهموه بالعمالة... ولو قبل الدعوة، ولبى، اتهموه بالخيانة.. وهو براء من الاثنين

المكان ليس مقرا للحزب الوطنى، ولا توجد لافتة واحدة انتخابية، ولا مرشح الحزب حضر المحاضرة

إذن فما المشكلة؟

هل لأنه لم يظهر العداء ويهلل ولم يكن عنترياً؟

وأيه صفقة التى سرعان ما أُعلن فيها عن طرفين

فلنصبر وننتظر حتى يُعلن عن الصفقة ويوقع كل البائع والمشترى عندها سنقول
((خسرالبيع أبا على))

إنما أن ننسج قصة بناء على ظنون ومشاعر وحمية فهذه طبيعة البشر .....وأن يستمر الدعاة فى طريقهم غير مبالين فهذه هى منهجية الدعاة

دخل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى قريش بعد صلح الحديبية ، وقد جلس مع قريش كان يريد الدخول لحق له وهو العبادة ، ومع ذلك جلس مع أباطرة الكفر..وهاهو عمرو خالد جاء بناء على دعوة من جمعية تنموية يتبناها الحزب لينشر كلمة الله التى من واجبه أن ينشرها بين العصاة قبل الطائعين

قد يستغل الحزب عمرو خالد فى الدعاية...قد يكون للحزب حسابات أخرى..ربما يريد الحزب أن يغسل ملابسه الرثة بدعوة عمرو خالد

هذه نواياهم والله أعلم

أما التوقيت الذى توجسنا منه جميعاً وساءنا عدم تأجيله ، فأقول إن عمرو خالد يرى أنه صاحب رسالة لا ينبغى أن يرفض دعوة ، يحسن النوايا، ويعطى مما أعطاه الله من علم
فقد أنزل الله عتابا شديدا لرسوله حينما أعرض عن عبد الله بن مكتوم فقد كان التوقيت الذى طلب فيه عبد الله بن مكتوم من الرسول غير مناسبا، حيث كان مشغولا بحديثه مع زعماء قريش ، فصاحب الرسالة لايتوانى عن طلب ، ولا موعد لطالب علم ،" فما يدريك لعله يزكى"

وما يلزمنا تجاه عمرو خالد هو حسن الظن به، والتماس العذر، فخير الناس أعذرهم للناس

وجب على عمرو خالد الرد ..وحق علينا أن نصدقه القول

وقد أعلن عمرو خالد عن نيته ؛ ليزول الشك كما أعلن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما همَّ صحابيان بالشك

إنما أن نُصر على إساءة الظن ونسج قصص وإبرام صفقات.. فكل ذلك مضيعة للطاقة والوقت

ولمن اعتبر موقف عمرو خالد هو الضلال فلهو ما يعتقد ولكن أقول له

"لا يضركم من ضل إذا اهديتم"

فيا شباب الأمة عليكم أنفسكم قد هداكم الله وجعل عمرو خالد سببا فى هدايتكم فمن كان يعبد الله فان الله حى لا يموت، ومن كان يعبد عمرو خالد فان عمرو خالد قد يصيب ويخطئ

فأن رأيتموه أخطأ فصبر جميل والله المستعان ..واثبتوا على ما أنتم فيه حتى يحق الله الحق بكلماته


فصل القول.....

حسن الظن والصبر وبعد النظر يقودنا جميعا للفهم الصحيح

دور الداعية لا يستند على هوى وحمية ..بل هو رسالة لكل الناس" قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي"

الدعاة لهم منا احترام وتقدير، ولا يصح الطعن والتجريح فى موقف قد لا نستوعبه جيدا حينها، وأدب الاختلاف يدعونا لاحترام من نختلف معهم


ف على رسلكم...إنه عمرو خالد

رفعت الأقلام ....وجفت الصحف

السبت، 30 أكتوبر 2010

السينما النظيفة



قضايا فنية -1

"السينما النظيفة"


هل الفن حلال أم حرام؟
هناك إشكالية بين الفن والفنانين
فالفن بخصوصيته بما فيه من إبداع ورقى بالتـأكيد ليس حراماً
ولكن بعمومه وشموله بأهله من الفنانين والفنانات الذين قد يرتكبون أفعالا محرمة تحت مظلة الفن أصبح حراماً
فالفن إناء به ماء رائق قد يضيف له البعض روح الزهر؛ فيصبح مفعماً بالعطر، وقد يضيف له آخرون ترابا فيصير وحلاً

ولذا كان من المنطقى ألا نطلق الحلال أو الحرام على الفن بل نطلق على ما يقدمه هذا الفن من فضيلة أو رذيلة

ومن هنا نشأ مصطلح السينما النظيفة، وهو مصطلح روجت له الصحافة الفنية والإعلام الفني والنقدي في المجلات والبرامج الفنية ، و بدأ استخدامه في وسط السينما المصرية في أواخر التسعينات من القرن العشرين، بحيث تناسب الأفلام جميع أفراد الأسرة.

وصاريطلق على موجة الأفلام التي يقوم ببطولتها النجوم الجدد من الشباب في مصر، والمقصود به السينما الخالية من المشاهد الخارجة، واللقطات الخادشة للحياء التي عجت بها أفلام السبعينيات والثمانينيات حتى ظهرت موجة الأفلام التي تخاطب الأسرة بالأساس، وتعتبرها جمهورها الأهم بعيدا عن المراهقين الذين تقدم لهم نوعية أخرى من الأفلام السينمائية التي تعتمد على المناظر أكثر من المضمون ...

ومصطلح السينما النظيفة قد يحمل معان أكثر منطقية من (سينما ممنوع اللمس) وهى سينما الأسرة...السينما الهادفة...سينما احترام الفنان والُمشاهد

ونتيجة لنمو التيار الديني فى الشارع المصرى، والذي تجسد في اعتزال العديد من الفنانات المصريات، وارتدائهم الحجاب ثم عودة البعض منهم في شكل ملتزم مع الإعلان عن رغبتهم في الاستمرار في التمثيل والالتزام بما يمليه هذا الشكل والاتجاه الجديد

وقد شهدت الساحة الفنية في الآونة الأخيرة إعلان العديد من الفنانات الشابات عن رفضهن القيام بأدوار تتضمن ارتداء ملابس عارية ،أو مشاهد ساخنة حتى تلك التي يقال إنها موظفة فنية أو إنها تأتي ضمن السياق الطبيعي للعمل الفني سواء كان مسلسلا تليفزيونيا أو فيلما سينمائيا ، وبررت أكثر من فنانة ذلك بأنه من الصعب عليها أن يراها زوجها أو ابنها على الشاشة في تلك المشاهد ، فيما برر بعضهن ذلك الرفض بأن المجتمع أصبح محافظاً وينظر بدونية وشك تجاه من يقمن بتلك الأدوار، فالفنانة التى ترفض مشاهد العرى، وخلافه بالطبع تحوز على احترام المشاهد, فقد احترمت نفسها وجسدها والمشاهد الذى يراها بين أسرته

وقد تدعمت تلك المواقف التي اعتبرها البعض مقدمة لظهور " سينما نظيفة " مع إعلان عدة ممثلات شابات بشكل مفاجئ اعتزال الفن وارتداء الحجاب ، وأرجع معظمهن ذلك إلى فساد المناخ والعلاقات داخل الوسط الفني .

ومصطلح السينما النظيفة بالرغم من ارتياح الأسر المصرية له إلا أنه لم يرُق لبعض العاملين فى المجال السينمائى من مخرجين ونقاد وفنانين كالمخرج خالد يوسف الذى يرى أن الواقعية تستلزم منه المشاهد الإباحية التى يزج بها فى أفلامه كما يتهم صانعى مفهوم السينما النظيفة بأنهم لا يفهمون صناعة السينما

وتهكم البعض بان مصطلح النظافة يعنى الخلو من الدنس.. وهذا ما يتنافى مع ما يقدمونه من مشاهد لايمكن الاستغناء عنها فى العمل الفنى مستشهدين بتاريخ السينما الطويل وأن ما يطالب به البعض ليس إلا (سينما ممنوع اللمس) ، وأضافوا معترضين أن السينما لابد ألا يحكمها أى معايير أخلاقية حتى لا تتحول إلى وعظ

بالرغم من إعراض الفنانات على التعامل مع المخرجة إيناس الدغيدى وإحجام المشاهدين عن مشاهدة أفلامها خوفاً من الفكر الجرئ الذى تطرحه مدعمة إياه بمشاهد خارجة، إلا إنها مازالت تعارض مصطلح السينما النظيفة مفهوما وضمناً رافضة أن تقدم للمشاهد ما يريده هو "على غرار السياسيين بما يدعون أن الشعب لم ينضج سياسياً بعد" فعلى إيناس الدغيدى أن تستمر فيما تقدمه من إسفاف بدعوى الفن حتى نتقبله ؛ لأننا لم تنضج فنياً بعد

فالشعب إلى الآن لا يعى السياسة و الفن ولا يتستطيع تقرير مصلحته أو حتى يضع هو المعايير الأخلاقية التى تناسبه، وينتظر من الحزب الوطنى أن يقرر له مستقبله السياسى، ومن إيناس الدغيدى أن تحدد له ذوقه الفنى بعيدا عن أى معايير أخلاقية

فهل هذا احترام لعقلية المشاهد كما تدعى و ترغمه على رؤية وجهة نظرها هى فقط، رافضه ما تنادى به الأسرة والمجتمع

ولو كان الأمر حقا كما يقولون... لما نجحت السينما الإيرانية عالميا ..

واستجاب كثير من الفنانين المؤيدين إما اقتناعاً بمفهوم السينما النظيفة وخجلهم من آداء المشاهد الساخنة أمام أسرهم، وإما نزولا على رغبة الجمهور واحتراما لها

يقول الفنان عبد العزيز مخيون فى إحدى الندوات

إن اليهود عدونا اللدود الآن قد انتبه إلي أهميه الفن مثلما وعووا تماما إلي أهميه البنوك، فاليهود يصدرون لنا فن هدام يحميهم هم ويقويهم ويذهب بفكر شبابنا إلي التخلف، بينما يوجهون فنهم في بلادهم لتربيه الشباب بناء علي فكرهم

إن الشباب الموجود الآن علي الساحة لا يستطيع أن يحمل السلاح ويحارب عدوه في حاله الاعتداء علي البلاد ، لأن الشباب الآن قد فقد الانتماء أو إنه علي مشارف فقد الانتماء ، بعدما سادت المؤسسة الإعلامية مشاهد عري

يوجد إعلام هادف وفن هادف ولكن أهم ما يواجهه هو التمويل وشن هجوما حاداً على مظاهر الفن الهابط في مصر وعدم اتفاقه مع الواقع المصري وحقيقة الشارع وعدم ارتباطه بمشاكل الشباب والتفاني في حلها

ويُقدم كثير من الفنانين على نوعية أفلام السينما النظيفة لإرضاء رغبة الجمهور فى مشاهدة فن راقٍ ، فالجمهور يستطيع أن يُسير السينما والفن عموما بإقباله على السمين، ومقاطعته للغث

والمنطق التجارى يفرض أن نشاهد ما نرغبه طالما أننا ندفع أموالاً ، ومن يستنكر أو يرفض السينما النظيفة عليه ألا يطالبنا بدفع تذكره ليفرض علينا فكره وعلينا أن نقاطعه حتى لا نساعده بنشر هذا الفكر

وتقول الفنانة المعتزلة شادية فى إحدى المجلات

ودعت 55 عاما من حياتى على قبر الرسول

هذا النجاح الذي يراه الناس "منقطع النظير" يسبب لي ألماً منقطع النظير .
طوال حياتي ... لم أجن غير الآلام والريبة والجراح على المستوى الفني!!
التوبة ليست تحطيماً ولا تخريباً للحياة الدنيا .. بل هي التعمير الحقيقي لها


ومن فنانى الجيل الشباب يقول أحمد السقا

أرى انه من غير اللائق جرح المشاهدين بلقطات تخدش الحياء تحت أي مبرر خاصة أن البدائل متاحة فهناك الكثير من الرموز الموحية التي تنقل معاني معينة بلا خرق لقيمنا ... فأنا أضع نفسي مكان المشاهد وأرفض أن أقدم لقطة تغضب ابني ياسين عندما يشاهدها في أي وقت..الناس تحبنا وتعتبرنا قدوة فلماذا لا نكون قدوة حسنة ؟

أما ريهام عبد الغفور

في قناعتى الخاصة أن الفن يمكن أن يقدم دون اللجوء إلى الملابس العارية والمشاهد الساخنة خاصة وان الجمهور نفسه لم يعد يقبل على مثل هذه النوعية من الأفلام بدليل فشل معظمها لاعتمادها فى دعايتها على المشاهد المثيرة لجذب الجمهور.
.
وأعلن الفنان الشاب أحمد عز فى أحد البرامج الحوارية رفضه للتعاون مع المخرجة إيناس الدغيدى وعد تقديم أفلام تحتوى على مشاهد ساخنة مخافة أن يخسر شريحة كبيرة من الجمهور يرفض تلك الأفلام

ولا يقبل الفنان كريم عبد العزيز أن يجرح عين المشاهد بمشاهد غير لائقة

ويُقدم كثير من الفنانين على نوعية أفلام السينما النظيفة لإرضاء رغبة الجمهور فى مشاهدة فن راقٍ ، فالجمهور يستطيع أن يُسير السينما والفن عموما بإقباله على السمين ومقاطعته للغث

والمنطق التجارى يفرض أن نشاهد ما نرغبه طالما أننا ندفع أموالاً ، ومن يستنكر أو يرفض السينما النظيفة عليه ألا يطالبنا بدفع تذكره ليفرض علينا فكره، وعلينا أن نقاطعه حتى لا نساعده بنشر هذا الفكر واستثمار الفن يجب أن يكون بما يرغبه المشاهد

كان هذا هو رأى أهل الفن من الفنانين ممن يحترمون أنفسهم وجمهورهم..

عبروا عن رفضهم لما يرفضه الدين والعرف والمجتمع ، يُعربون عن رغبتهم فى تقديم ما يريده الجمهور

فهل لنا أن نفرض ما نريده ، ولا نستسلم لما لا نقبله


الجمعة، 3 سبتمبر 2010

ماضٍ..ونحن ماضون




تقطن فى دارك ليالٍ فى شجون
تمر أياما وتقفز شهورا والكل راحلون
فيهل عليك ضيفاً يحمل عطايا ومؤون
يتهلل وجهك وتهم لكرمه وتقوم
فتترك متع آسرتك وشهوات تهون
فياليت كل الضيوف مثله وياليتك فى طاعته تدوم

إنه خير الشهور..وأكرمها

كان كريماً معنا ..فحمل لنا العطايا والهدايا ، فهل كلنا تعاملنا معه على قدر عطاياه؟ أم تركنا هداياه فى غلافها ، ولم نفتح الكنز الثمين؟

كاشفنا رمضان أمام أنفسنا ،وأبطل حججًا واهية

فالأسرة التى تفرق شملها تعللا بأعباء العمل، أو الدراسة، أو اختلاف المواعيد تجمع شملها حول طاولة طعام اعتلاها غبار العام

وهذا كف عن نفث سموما تمثلت فى سيجارة، وذاك داوم على الصلاة فى المسجد، وآخر لم يكف عن تلاوة القرآن وترك سماع أغانى "الفيديو كليب" ،وتلك ارتدت حجابا وتخلت عن ملابسها المكشوفة

موائد الرحمن ملأت الشوارع، وبُسطت الأيدى للفقراء بلا تذمر، تسارع الناس لفعل الخيرات

والكل فعل عن رغبة وحب ، والجميع بداخله بذرة الخيرالتى أنبتت شجرة مثمرة فى هذا الشهر الكريم

وغدا يرحل رمضان، ولكن هل سنظل نحن كما كنا ؟ أم تعاودنا حالة الفصام التى نرى فيها الصائم القائم شخصًا آخر بعد الثلاثين يوماً

وكأننا نقوم ببطولة فيلم " المتحولون" فنتحول لصائمين طائعين طيلة الشهر وبعد انقضائه نعود إلى سابق ما كنا عليه ،ويمضى رمضان ونمضى نحن فى طريقنا العثر والعبرة من الشهر أن تخرج بفضيلة أو بطاعة تداوم عليها

فمن استطاع أن يكون كريمًا سخيًا في رمضان فليستمر في سخائه

لقد استطعت أن تقهر شهواتك، وتصوم النهار ، وتقيم الليل، وتعطى بحب، وتقدر وتعفو، فلتستمر.. ولا تنتظر رمضان القادم لتمحو فيه سيئات شهور العام فربما لا تدركه ، ورب رمضان هو رب كل الشهور يعفو ويغفر ويعطى ويمنح

إن من العجيب أن نرى بعد رمضان أن يعود المسيء إلى سيئاته، والمذنب يقبل على الذنوب، وهو ينقض ما قد غزله طيلة الشهر

فنجد اللسان يقدح بعدما كان القلب يصفح، والنفس تكبح

فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان سوف يرحل، ومن كان يعبد رب رمضان فإن الله سبحان وتعالى باقٍ

يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل

فاجعل يومك نهاره وليله رمضان

فتربأ بنفسك من زللٍ ..وتمر بباب الريّان

السبت، 7 أغسطس 2010

اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون




"من إمارات الخذلان معاداة الإخوان"

وهل هناك خذلان وسفه أكثر من عداء لشقيق ؟

والأكثر خزيًا هو إعلان العداء ، وتضخيمه، وتمويله بالحطب والبنزين ليشتعل

هذه هى سياسة حكوماتنا ، وإعلامنا...وللأسف تبنتها الشعوب فالناس على دين ملوكهم
منذ خمسينات القرن العشرين والجزائر ومصر تربطهما علاقات تاريخية ولم لا؟ والأرضية المشتركة بينهما تكاد تكون مساحات واسعة من اللغة والعروبة والديانة
فقد وضعت مصر كل إمكانياتها المادية والمعنوية لمناصرة ثورة الجزائر عام 1954 إلى أن حصلت على استقلالها، كما كانت أولى الدول التي شاركت بأبنائها في تحقيق عملية التعريب لمناهج التعليم بالجزائر واستعادة هويتها العربية.
وشاركت الجزائر مصر بكل قوة في حربها مع إسرائيل عامي 1967 و1973 وسال الدم الجزائري مع الدماء المصرية على أرض سيناء.. وخلال العقد الأخير من القرن العشرين شهدت العلاقات بين البلدين آفاق جديدة من التعاون واتفاق الرؤى بشأن مختلف القضايا الدولية والإقليمية ويأتي على رأسها الصراع العربي الصهيونى
فكيف لشعبين اجتمعا فى أشد الظروف أن يتفرقا بسبب لعبة من المفروض أن يتحلى ممارسوها ومشاهدوها بالروح الرياضية

وانتهت المباراة ومازلت القلوب تحمل بعض الضغينة التى خلفها التعصب الممقوت

حاول البعض احتواء الأزمة، واستغل الآخرون الفرصة للصيد فى الماء العكِّر

إن مصر الجزائر شعبان جمعهما كفاح غلفه الأمل، وتعاون موصول بالعمل

وبالرغم من التاريخ بينهما صفحة متوشحة بالبياض ، إلا أن هناك من يصر على أن يسكب محبرة سوداء ليشوه تلك الصفحة

فالأبواق هنا ما زالت تنعق، والصحف الصفراء هناك لازالت تنقب عن ماء أجاج تنهل منه ، و لن يروى ظمآنا

ما أحزننى هو موقف بالأمس القريب بعد أن كادت الفتنة تخمد للمناضلة الجزائرية جميلة بو حريد التى نطلق اسمها بكل فخر على شارع مصرى، وتنتج السينما المصرية ملحمة درامية تحكى تاريخها

فقد رفضت المناضلة دعوة السفارة المصرية لحضور الاحتفال بيوم الجلاء الذى تحتفل به مصر كل عام بخروج آخر جندى بريطانى

بل أصرت بو حريد أن تفتح ملف التوتر بين مصر والجزائر بكثير من التصريحات التى تزيد الأمر تعقيدا

واليوم تطالعنا الصحف بأن التلفزيون الجزائرى سوف يقاطع الدراما المصرية فى رمضان، الخبر قد يكون إيجابياً إذا كان السبب أن الدراما غير لائقة وتحوى كثيرا من المشاهد الفجة وعدم مناسبتها للشهر الفضيل ، واستبدالها بأخرى تاريخية أو دينية، ولكن التلفزيون الجزائرى استبدلها بالدراما المكسيكية والتركية و...غيرها، وأُرجع قرار المنع لنفس الأزمة الكروية الشعبية الموتورة
وكان من المتوقع أن يكون للمثقفين دورا يساهم فى حل هذه الأزمة ولكننا فوجئنا بإدارة الصالون الجزائري الدولي للكتاب تصدر تعليمات لكل اتحادات الكتاب ودور النشر التي تمت دعوتها للمشاركة فى المعرض بمنع عرض الكتب المصرية في أي جناح عرض داخل المعرض، ووجهت إدارة المعرض الجزائري الدعوة لكل الدول العربية للمشاركة ولكن لم تتقدم بدعوة لاتحاد الناشرين المصريين.
فإذا كان هو موقف عقلاء الأمة هو التغاضى عن الهفوات والإغضاء عن الزلات بل والتعالى عن الكبوات والسقطات

فماذا ننتظر من سفهاء الأمة الذين مازالو ينفخون فى الجمر لتستعر النار

فوجئت ببعض الشباب الذى يشجع أمريكا فى مباراة كاس العالم أمام الجزائر، ويتمنى فوز أمريكا تشفيًا فى الجزائر

وفى عشية وضحاها صارت أمريكا أقرب لنا من الجزائر!

أمريكا التى تمنع وتمنح..ليس لإنسانية.. ولكن لسادية

كيف يمكن للعدو أن ينقلب صديقاً ، ويصير الشقيق بغيضا؟!

لماذا تناسينا جوانتاموا ولم ننس أم درمان؟

احتلت فرنسا الجزائر لأكثر من قرن فطمست ثقافاتها , وشوهت تاريخها ، وارتفع شهداؤها لمليون شهيدا روت دمائهم ثرى الجزائر لتحررها من دنس الفرنسين

واليوم الجزائر فى فرنسا من أكبر الجاليات ، والمشاريع الفرنسية التى تتم فى الجزائر لا حصر لها، والمطاعم الفرنسية لا تخلو من العمال الجزائريين

وبالمثل مع بريطانيا التى احتلت مصر لأكثر من سبعين عاما، واليوم ترتبط مصر مع بريطانيا بعلاقات وثيقة على جميع الأصعدة

وتناسى الشعبان تاريخ المحتل الغاصب ، ولم ينسيا أياما من الحماقة ارتكبها الاثنان... بل طمسا تاريخاً طويلا من النضال المشترك

و...

سيظل الشقيق شقيقاً وإن شقونا بشقاوته

ويظل العدو عدوا وإن نأت دناوته

وغدا سيغدو الصياد بلا عملٍ بعد أن يزول للماء عكارته

دعوة للتأمل ثم للمصارحة تليها المصالحة...فلنتأمل الماضى..ونتصارح بأخطاء الحاضر..ونتصالح من أجل الغد



الأحد، 4 يوليو 2010

المختلون والمعتلون


مختل عقلياً

مصطلح أو تشخيص أصبح المسؤولون وليس المختصون يطلقونه على كل ما طفح من ظواهر على المجتمع متمثلة فى قيام شخص، أو عدة أشخاص بها

فحادثة بنى مزار أغلقت بعد أن اتهمت الشرطة بريئا أطلق عليه مختل عقليا، وماتت القضية بعدما أثبت المختل أنه ليس مختلا

وبالرغم من أننى لا أحب أن أقدم نماذج من كيان لا نعترف به.. إلا أن وزارة الصحة التابعة للكيان الصهيونى قامت بعمل دراسة أثبتت نتائجها أن ربع سكان "إسرائيل" يعانون من الخلل العقلى وأمراض نفسية متنوعة أرجعها المختصون أنها بسبب الوحشة والغربة التى يشعر بها السكان الذين نزحوا من أوطانهم الأصلية

فعندما يعج المجتمع بخلل نفسى واعتلال لابد من دراسة توضح لنا أسباب ذلك هذا إن جهلنا السبب ، وهنا كان الاعتراف بالخلل ليس إلا لمعالجة أسبابه وليس لجعله "شماعة"

ولكن يبدو أننا نعلق كل خلل مجتمعى أو قيّمى على عبارة مختل عقليا وكأننا نحمل الأقدار ما اقترفته إيدينا، وما فعلته الحكومات المتعاقبة فى تركيبة الشعب المصرى الذى أصبح يطفح بالأمراض الاجتماعية ويئن من الأمراض الجسدية

فما حدث بين شعبين شقيقين بسبب مباراة هل هو دليل على الخلل النفسى أم خلل قيّمى ومجتمعى أصاب الشعبين رغم ما بينهما من تاريخ مع العلم أن الجزائر أصابها ما أصاب مصر من فساد وبطالة وغيرها من المدخلات التى لن تفرز لنا إلا خللا قد يكون أحد مخرجاتها

ومؤخرا قرأت حادثة غريبة يهتز لها من يشعر ببعض مسؤولية نحو هذا المجتمع الذى شوهه المسؤولون
شخص بقطع جزءا حساسا من جسده ويلقيه أمام المارة لفشله فى الزواج وهو على مشارف الأربعين ، وقد علل فعلته عندما نُقل للمستشفى وهو فى حالة سيئة أنه "زهق ومش عارف يعمل إيه ولا عارف يتجوز"

وطبعا كان التفسير الحاضر هو انه مختل نفسيا

والواقع يقول أن الخلل الكبير يكمن فى المجتمع وفى الظروف الاقتصادية المتدنية للشباب ..والتى دفعت شابا عجز عن أن يعف نفسه فقطع رمز عفته، وفقد رجولته من منظور البعض، وخاصة أنه من أهل الجنوب

حتى ولو اعترفنا مع من صرح ان الشاب مختل عقليا ففظاعة الحادث يدعونا إلى أن نقف امام الحادثة لنعرف لم حدث الخلل؟ وكيف نعالجه؟ حتى لا يستشرى.. ونجد أنفسنا أمام ملايين من المختلين

إن شبابنا ليس مختلاً ..

ولكن العلل تتوطن فى هذا الوطن..والخلل أصبح قانونه

من العجب فى حادثة قتيل كترمايا هو محاولة اللعب بورقة الخلل النفسى فأهل الجانى ينفون عنه أى معاناة من خلل أو مرض ، وأهل المجنى عليهم يحاولون إلصاق الخلل النفسى به ليكون مبررا لحادثة لم تتأكد صحتها للآن

وفى الحقيقة أن الخلل فى معالجة الحادث كما كان فى كثير من الأمور

فمعاناة المصريين فى الخارج وإهانتهم يعد خللا..والحملة التى تدعو لكراهية مصر تدعونا لنتوقف عند هذا الخلل الذى أصابنا، أو بالأحرىنبحث أسبابه إن جاز القول بدعوى أننا قد تصيبنا حمى الوصول إلى الحقيقة وليس "طرمخة الحقائق"

وكأن الخلل النفسى أصبح شماعة لملابس رثة لا يجوز لها الغسيل ولا حتى" الدراى كلين" رافضين أن نلقيها ونغلق خزانة الملابس، ونشترى أخرى جديدة نظيفة نستطيع أن نواجه بها الآخرين

ومثلما يقال (رمتنى بدائها وانسلت) فقد رموا المجتمع بما هو متأصل فيهم

فنلاحظ أن الخلل النفسى لا ينطبق على ما يحدث داخل أقسام الشرطة أو خارجها بفضل قانون الطوارئ حين يتم تعذيب 850 حالة داخل قسم الشرطة ويتوفى منهم العشرات ولم يفلت طفلا ولا شيخا!

فأى خلل الذى يدعو كائنات انتسبت إلى البشر بتعذيب طفل فى الثالثة عشر حتى الموت فى المنصورة ثم تصدر الداخلية بيانا بوفاته بسبب الالتهاب الرئوى!

فظابط يقتل مواطن من التعذيب لا يعنى أنه يعانى من خلل نفسى أو سادية!

ومخبر يلاحق شاب ويحطم رأسه وسط المارة.. لا يعد خللا !

ومعتقلات التعذيب التى أصبح مقارها أقسام الشرطة فتتحول جهة من المفروض أن تكون للفصل بين المختصمين إلى شرك يقع فيه من يمر به ومن مرّ هو عليه.. لا يعد خللاً !

وحكومة تعامل مواطنيها بشكل لا يوجد إلا فى مصر فتفرض مرشحًا وتقوم بإنجاحه وتزوّر.. غير مبالية بمعارضة ،ولا بمنظمات حقوقية، ولا بواجهة إعلامية أمام العالم.. لا تعانى خللا!

والأكثر أننا أصبحنا نعلن الخلل ونجعله واجهة سياحية فقد حاول مصرى منذ أسابيع قتل سائح بلجيكى، وأطل علينا مصدر أمنى بأن الجانى مختل عقليا فلا مانع أن تكون مصر بلد المختلين بدلا من النيل والأهرامات وهذا الكلام الفارغ

نعم ...نحن معتلون.. فالأمراض الجسدية أصبحت تنهش المصريين ،والأمراض الاجتماعية تفتك بالمجتمع، وتمزقه

ومختلون ..فقد أصابنا ما أصاب المسؤولون من خلل .. وكيف لعاقل أن يتعايش بين قوانين مختلة وأعراف فاسدة وفطر منحرفة؟

فماذا نحن فاعلون لمعتلين ومختلين مصابون بانحراف فى النحل والملل يحكمون ويتحكمون .. فأصابونا بالخلل والعلل؟؟؟



الخميس، 10 يونيو 2010

بين معجزة نوح وأسطورة تيتانك




عندما ينجلى الهدف يتضح الطريق وتسمو النية
عندما يخلص المرء تُذلل العقبات وتشتعل الحمية
عندما نحن نريد والله يريد تُفعل المقادير الإلهية


نعم ..بالفعل ليس دوما تنجح المقاييس البشرية


ونحن لنا حسابات ليست بالضرورة أن تعطينا النتائج التى برهنا عليها..فقوانين البحر والسفن ليست بناءً على حساباتنا

فى تاريخ البشرية كانت أشهر سفينة هى سفينة نوح

بالرغم من بساطة صنعها من قبل صانعها وسخرية قومه من فعله إلا إنها نجحت فى مهمتها... فالهدف جلىّ والنية لله سبحانه وتعالى، والغرض راقٍ

ونتذكر معجزة القرن التاسع عشر وهى تيتانك التى تحدى صناعها البشر، واحتشد البريطانيون على ميناء "كوين ستون" لمشاهدة المعجزة الذى قال عنها من صنعوها " إنها لا تغرق أبداً" بل وتجرأوا بوقاحة على قدرة الله جلا وعلا بعبارات لا يليق ذكرها، وبالرغم من عظم أبعادها وامتلاكها لسبل التقنيات إلا أن سفينة نوح البسيطة التى لا تملك ما تملكه تيتانك قد تفوقت عليها

استهزئ قوم نوح بسفينة نوح حتى إن ابنه ظن أن الجبل سيؤويه بالرغم من تحذير أبيه له... ونجت السفينة
وانبهر الإنجليز بسفينة تياتنك
نجت الأولى ،وغرقت الثانية
إنها قدرة لله، والعظة التى تسوقها كلتاهما
كلتا السفينتان نالتا من الشهرة الكثير بسبب نجاة سفينة نوح التى أنقذت من آمن من قومه ، وغرق سفينة تياتنك التى أحبطت من آمن بها
فبينما تمنى فقراء إنجلترا أن ينالهم شرف ركوب تياتنك ؛ فإذا هى تصطدم بجبل من الجليد، ويغرق ركابها فى المحيط
وأصبح من تمنى اليوم يحمد الله أنه لم يحقق أمنيته،وبالمثل كان قوم نوح فالمعرضون تمنوا أن لو لحقوا بسفينة نوح ما كانوا من الهالكين
اختلف ربان السفينتين ، واختلف الهدف ؛ فالهدف يعلى قيمة الرحلة، واختلف الركاب، والمتفرجون

وكان البحر شاهدا....

إنه مسرح الأحداث

يسطر التاريخ، ويتلقى الشهداء، ويشهد على ملحمة أو مذبحة لن تتحول لزبد وتذهب جفاء

هنا كانت سفن الحرية التى كانت هدفها عالى القيمة والثمن فركابها الذين تجاوزوا 650 بطلا من أربعين دولة قد حددوا الهدف، ومضوا قدما فيه غير مبالين بأعاصير عاتية، أو أمواج عالية

آوت الحكومات إلى جبل لم يعصمها ، فجبل رخو فى أمريكا او إسرائيل سفحه مثل قمته لن يعصم من ظن أنه ناج

أسطول الحرية لم يفقد متضامنين وإنما قدم شهداء للحرية ليفضح حكومات الحصار والعبودية

أسطول الحرية حمل من كل جنسية زوج وربما أكثر لإعلاء كلمة الحق، ورفع من قيمة حق أى كائن

فما بالنا بسيد الكون فى حقوق قد اغتصبها عدو لا يعرف قانون إلهى، أو وضعى

قدمت سفن الحرية ستة عشر شهيدا لإنقاذ مليون ونصف محاصر فى غزة ؛ ففضحت عملاء الصهاينة، وكشفت جرائم القراصنة

اليوم تحتل أسطول أو سفن الحرية شهرة ليس بسبب صنع أو فخامة
وإنما لأنها علمتنا معنى الكرامة
وأعطتنا درساً كيف للإنسان أن يحمل قضية هى للحق عنوانا
لا يتسول بها درهماً، وإنما يطلب الحق البيان
فيعبر البحار لا يخشى بطشا ولا سلطاناً
ف لسفن الحرية ولشهدائها تحية وسلاما

السبت، 15 مايو 2010

ليست شبحًا ...ولا قدحًا

على أعتابها تنتحر الأنوثة، ويفقد الشباب عنفوانه

تضيع فرصة الاستمتاع بالحياة فى وجود شريك محب

فى ظل انتشار العنوسة بين الشباب والفتيات

هل يمكن معالجة الأمر؟ أو على الأقل من أى زاوية تتناوله

علينا أن نعترف بالأمر الواقع ونتقبله ؛ ولكن كيف نتعامل معه

نحن نزرع فى ذهن بناتنا أن الزواج هو الهدف والرسالة والملاذ بل.. والحياة؛ فلا حياة للفتاة دون زواج، حتى أصبحت ترتضى بزواج قد يكون هو الموت ؛ لأنه الحياة بمفهوم المجتمع البائد

فنشرع فى إعدادها منذ الطفولة بما يسمى (الجهاز)، وتظل الطفلة التى لم تبلغ بعد تحلم بفستان الزفاف ،وبالبيت السعيد، والزوج الرومانسى ، فقد برمجنا عقلها على أن البنت ليس لها إلا الزواج، وبناء عليه فهى زوجة فقط

تنتظر أن تكون.. وتنتظر من يأتى لتقوم بهذا الدور

لم نهتم بتثقيفها، لم نهتم بترسيخ مفاهيم تعتد فيها بنفسها، وقيمتها ،وتؤمن بدورها فى المجتمع ،وتسعى نحو تحقيقه

نسينا أو تناسينا أن البنت قد تكون زوجة أو لا .. فهذا قدر
وقد تكون أما وقد لا.. فهذا رزق
ولكنها حتما لابد وأن تكون فردا فى المجتمع، وفى الأمة ..وهذا مفتقد

ينبغى ألا نضع الرجل رقم (1) فى أجندتها لابد أن يكون هناك أولويات أخرى

ليس تهميشاً من دوره فى حياة الأنثى

فالرجل يتواجد فى حياة الأنثى أكتر من تواجد نفس جنسها فى حياتها، والعكس صحيح

فالرجل هو( الأب ،الأخ ،الزوج والابن) بالنسبة للمرأة
فى حين أن تواجد المرأة فى حياة مثيلتها يعد أقل ( الأم ،الأخت والابنة)

لا أناقض الفطرة ولن نستطيع تغيير الغريزة التى خلقنا عليها الله عز وجل ؛ ولكن الواقع يفرض علينا وضعاً لن يتغير إذا رفضناه

فى حالة ارتفاع عدد الإناث عن الذكور، واحتياج الفتاة لتحقيق رغبتها فى الأمومة التعدد ليس هو الحل الجذرى ، فليس من المنطقى أن نبنى بيتاً ونهدم آخر ،ونتسبب فى إيلام زوجة أفنت شبابها من أجل أخرى ، فالتعدد لم يشرع من أجل الهدم بل البناء

فالبدائل متواجدة فهناك من يحتاج للأمومة فى دور الأيتام لمن تبحث عن العطاء وإشباع غريزة الأمومة ، ولمن تبحث عن الحب فابحثى عنه حولك وستجدين من يغدق عليك من صديقاتك وأهلك وكثير ممن يحتاجونك وتحتاجينهم
والنجاح يمكن تحقيقه فى مجالات أخرى، وشخصيتك يمكن إثباتها فى نواحٍ متعددة

والغرض ليس إلا لتقليل الضغط النفسى، ومحاولة لتقبل وضع أصبح أكثر من ظاهرة
ومحاولة لتوسيع أفق الفتاة، وتوسيع دائرة اهتماماتها

ومن المفارقات المثيرة للتأمل أن بينما ينخفض معدل الزواج يرتفع معدل الطلاق

وهذا لا يدل إلا على اختلال المعايير التى تتم على أساسها الزواج، ومن ثم تكون النتائج ليس إلا على قدر الدوافع

وكان من الأحرى فى ظل أزمة الزواج وارتفاع تكاليفه وصعوبة تنفيذه أن يتمسك كل من الطرفين بحياته، ويستميت من أجل إنجاحها فمن الصعب تكرار التجربة من جانب الفتاة، ومن الأصعب من جانب الرجل إذا وضعنا الماديات إحدى العقبات

قد يظن القارئ من الوهلة الأولى أن لا علاقة بين العنوسة والطلاق

ولكن العلاقة طردية، وارتفاع كليهما فى ازدياد

ونحن من تسببنا فى الاثنين ..

زرعنا أثناء تربية بناتنا أن الزواج هو الطريق الأول والأوحد لهن، ولم نعلمهن وضع أسس صحيحة للاختيار، وتسببنا فى مشكلة العنوسة بغلاء المهور، وتكلف المراسم، وتعنت الأهل

فحصدنا مفهوما متجردا من سمو الأهداف، ورقى المفاهيم، ومعانى الشراكة، وأصبح الزوجان شريكين فى صفقة، وليسا شريكين فى الحياة، ورفيقين فى الدرب

فكان الحصاد عنوسة و....طلاق

هل يأتى يوماً نزرع زهورا... لنجنى عبيرا

ربما.... إذا استطعنا تغيير التربة التى ننثر فيها البذور

الجمعة، 9 أبريل 2010

لقطاء ..وليسوا "ولاد العم"

رغم حقيقة عنوان الفيلم حيث إننا واليهود أبناء عمومة واحدة و التى تبرأ منها اليهود بأفعالهم فهم بنو يعقوب ، ونحن بنو إسماعيل إلا أن العنوان لم يترك لدى صدى طيباً ، لأنهم تناسوا هذه الحقيقة ، وقلت لربما كان العنوان تهكماً لتردى العلاقة بيننا والتى لا زلنا نتمسح بها، فنصر على المفاوضات والسلام رغم إرهابهم

كما أثار لدى فضول مشاهدته توقيت عرضه الذى يتزامن مع تصاعد الصراع العربى الصهيونى ، وتضج الساحة بالاضطرابات والقلاقل

ولا أعرف كم الثناء على الفيلم هل كان نابعاً من الرسالة التى رآها البعض بعين سطحية ، أم التقنيات التى أيضا كانت أكثر سطحية ولن أتعرض لها طويلا لأننى بصدد الأهم

وزاد من شعبية الفيلم بعض المزاعم التى روجت له فى الضغط اليهودى لمنع عرض الفيلم بأمريكا

بدأ الفيلم فى مشهد واحد لمدينة بورسعيد الباسلة حيث تم اختطاف أسرة البطل "شريف منير" الذى يقوم بدور الظابط "دانيال" الذى ظل سنيناً يعيش تحت اسم "عزت" ومتزوجاً من " منى زكى" ولديهما طفلين وقد كان هذا رمزاً لانتهاء البطولة والشجاعة

أفاقت البطلة لتجد نفسها فى تل أبيب والعلم "الإسرائيلى" يرفرف على إحدى البنايات ، وطفليها يلعبان سويا متقبلين الوضع الجديد وأعتقد أن هذه رسالة للجيل الصاعد للتعايش وقبول الوضع

فبينما لم تتقبل البطلة الوضع فى البداية وعاشت صراعاً طيلة الفيلم حيث مثلت " الجيل الحالى" الذى يعلم أبعاد القضية وحقيقة التاريخ حيث مازال فى مرحله تشويهه، نجد أن الأبناء يحيون حياة عادية جدا"الجيل الصاعد"

بدأ الفيلم بمحاولة الزوج لإقناع زوجته بالتعايش وقبول الوضع مبررا لها أنها لم تره طيلة سنوات زواجهما يصلى ومع ذلك عاشت معه ، فلِمَ ترفض الآن أن تعيش معه وهو كتابى ! ، وهنا خلط لحقيقة الكراهية بين المسلمين واليهود

حاولت الزوجة الهرب ولم تتمكن، وهنا أرسلت المخابرات المصرية ظابطاً لينقذها و يعود بها إلى مصر، ويستمر الفيلم حتى النهاية فى محاولة للهرب بالزوجة من تل أبيب

لن أقول أن الفيلم كان فيه رسائل كثيرة بين السطور..بل كان السطور كلها مطموسة ولم تظهر غير هذه الرسائل

فالظابط "دانيال" كان زوجاً محباً مخلصاً، وأبا حنوناً، متمسكاً بأسرته لم يظهره الفيلم غير بطلا قومياً متجاهلاً سلسلة الاغتيالات التى قام بها فى مصرحتى لا يثير كراهية المشاهد، ولم نشعر بمثل ما كنا نشعر به تجاه الجاسوس والعدو والإرهابى الصهيونى، وهذه رسالة خطيرة أن تصور الدراما جاسوساً وعدواً، ويمثل رمزا للموساد بإجرامه، ومع ذلك لا نشعر تجاهه بمشاعر سلبية

كان المجتمع "الإسرائيلى" كما أظهره الفيلم مجتمعاً متعاوناً ؛ فالجارة من أصل مصرى وتزعم أنها تحب المصريين، وتحب مصر وتتودد إلى البطلة، وقد يحدث مشاهدا نفسه " أمال فين وقلوبهم شتى" وهنا نجد أن الفيلم حاول زعزعة العقيدة ولم يظهر الأنانية و الشح الذى يشتهر به اليهود

صاحب الصيدلية اليهودى من أصل مصرى التى عمل بها الظابط المصرى "كريم عبد العزيز" كان محبا أيضا للمصريين، ونجده دوماً يستمع لأغانى ام كلثوم

كرر الفيلم عبارت أن المجتمع " الإسرائيلى" مجتمع يحقق العدل والحرية ،وأظهر عددا كبيرا من المصريين الذى يعملون هناك ويعيشون فى سعادة ويشعرون بألفة وكأن المجتمع "الإسرائيلى" أصبح حلاً للفرار من مصر بمشاكلها حيث عقد الظابط مقارنة لزوجته بين الحياة هنا والحياة فى مصر حيث الشقاء قد يعقد مثلها المتفرج، وخاصة أنت معظم رواد السينما من الشباب

كانت الشوارع نظيفة والمدينة جميلة ومنظمة، ولا يكدر صفو الإسرائيليين غير التفجيرات التى تحدث من قِبل الفلسطيينين، حيث أشارت الجارة اليهودية عندما أمرها شرطى المرور ألا تترك السيارة فى الشارع حفاظاً على الأمن " الواحد يبقى فى أمان الله ويلاقى تفجير" ، وكان يجب على الأقل من باب الحيادية أن ترد عليها بطلة الفيلم بمشاهد تتذكرها لضرب غزة

كنت أشاهد الفيلم وكأننى أقرا كتاب "رحلة إلى إسرائيل" للكاتب على سالم الذى يدعو للتطبيع بكل صوره وهو يتغزل فى المجتمع اليهودى وكأنه المدينة الفاضلة

لم يظهر الفيلم أى عنف وإرهاب مما يحدث للشعب الفلسطينى بخلاف مشهد ساذج لا يعبر عن هول ما يحدث من فظائع

أُعلنت صفارة لإحياء ذكرى الهولوكست فوقف الجميع حداداً على ذلك المشهد فاستغله الفيلم ليس إلا لإبداء أن عنصرية الصهاينة ضد الفلسطنيين كانت لها جذور ترجع لممارسات النازيين ضدهم، وقد بدا المشهد كتبرير لإرهابهم وإجرامهم

كانت الانتقادات التى توجه من البطلة لما يحدث انتقادات هادئة، وقد بدت كلها رفضاً نفسياً للأمر وعدم تقبل للوضع، وكان الرد عليها أكثر قوة وإقناعا ؛ فالعنصرية لم تظهر إلا فى مشهد رفض سيدة للعب ابنتها مع ابنة منى زكى حين عرفت إنها من أصل عربى، وكان رد فعل "دانيال" قوياً ؛ وكأن المجتمع لا يوجد به أى عنصرية

فى حين ظهر أحد الفلسطينيين وهو ذاهب لبناء الجدار العازل عنصرياً أكثر من الصهاينة أنفسهم حين افتعل مشاجرة مع الظابط المصرى "كريم عبد العزيز" ووجه له الإهانات وأن مصر باعت القضية بالرغم من إنه هو الآخر يشارك فى بناء الجدار العازل، وظهر بشكل عنصرى وأنانى كارهاً للمصريين

ينقذ الظابط المصرى مقاومة فلسطينية من تفجير نفسها فى عملية استشهادية ونصحها بالحفاظ على نفسها فى حين نجد أن الموساد يسدد لها رصاصة قاتلة بعدما قبض عليها. إذن ما القيمة من إنقاذها ألم يكن الأفضل أن تظهر شهيدة على الأقل فليظهر فلسطينى واحد بصورة تخدم القضية، ولكن الظابط أنقذ حياتها ملقياً بقيمة الاستشهاد وراء ظهره حتى يتمكن الموساد من قتلها!!!

عندما نتذكر فيلم " العمر لحظة" للمخرج محمد راضى والفنانة ماجدة وهو يظهر مشهد مذبحة مدرسة بحر البقر فتخرج من الفيلم وبداخلك كم من مشاعر الكراهية والرغبة فى الثأرالتى لن تخمد، ويزيد من تأججها الحديث عن مفاوضات السلام

أما فيلم "ولاد العم" فلا تخرج منه إلا وبداخلك مشاعر قد تقبل المناقشة فى وجود " إسرائيل" وقبول الأمر الواقع الذى يسمى اليوم التطبيع وهو ما جاء على لسان "إيمان" والدة الظابط دانيال وهى ترمز للتطبيع فتقول ل "منى زكى" لازم تقبلى بالأمر الواقع وتتعايشى معه حيث هو الخيار الوحيد، ثم تأمرها بوقاحة أن تأتى لها بطفاية السجائر

لم يرد الفيلم أن يثير تعاطفنا مع الظابط المصرى عندما شرع "دانيال فى تعذيبه" فاستغرق المشهد دقائق معدودة، ولم يبرز الوجه الكريه للموساد فحفظ لنا مشاعر ساكنة تجاه الموساد وتجاه الظابط

لم يكن سيناريو عمرو سمير عاطف متقناً وافتقد كثير من الأحداث المنطقية ،كدخول الظابط بسهولة لتل أبيب وعمله بالصيدلية بل ودخوله مبنى الموساد، مقابلته للبطلة "منى زكى" فى حديقة عامة بالرغم من المراقبة الشديدة لها ، أما ما استفزنى أنا شخصياً إرسال مصر لظابط مصرى لإنقاذ ثلاثة أفراد بالرغم من تركها لأكثر من20 ألف مصرى يعملون فى إسرائيل ومتزوجين من إسرائيليات، ويحملون أولادهم نفس الديانة والجنسية

إخراج شريف عرفة المخرج الماهر لم يوفق هذه المرة بالرغم من الأكشن الذى بذل الجميع فيه قصارى جهدهم ولكن بدا مشهد صراع الظابط المصرى مع دانيال وباقى الفريق ساذجاً، فالمصرى بالرغم من وجوده فى تل أبيب يتصرف ويصول ويجول وكأنه فى حى من أحياء القاهرة يحفظ أزقته

تكلف إنتاج الفيلم 25 مليون جنيه "مش خسارة فى عيون إسرائيل" وأعتقد أن أقل من هذا المبلغ كان سيخدم القضية إذا ما صدقت النية

انتهى الفيلم برسالة على لسان الظابط "كريم عبد العزيز" وهو يستعد لمغادرة تل أبيب " هنرجع تانى بس مش دلوقت"

وكأنها شفرة وفكها عند الجيل الحالى، فهذه ليس قضيتكم فاستريحوا " دلوقت" لان لو هنرجع فليس الآن، وهذا ليس دوركم ولا وقتكم" إنما ممكن يبقى يجى الجيل اللى بعدكم أو اللى بعد بعدكم يكمل"

عندها تنتهى مرحلة تشويه التاريخ وتبدأ مرحلة أخرى هى صناعة تاريخ جديد كما تريده أمريكا و"إسرائيل"

بالرغم من أن عين الكاره تبدى المساوئ فكما يقول الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة**** ولكن عين السخط تبدى المساويا

ولكن ما رأيته كان عين الحق ولم تكن عينى الكارهة ، ولم أقتنع أبدا بكل ما قيل عن مدح فى الفيلم، ولم أرغير أن الفيلم كان غزلاً صريحاً لبنى صهيون، ودعاية للمجتمع "الإسرائيلى" الذى يزعم أن العدل والحرية من مبادئه ، ودعوة للتطبيع وتجاهل كل التاريخ الأسود لعدو يطالبنا بالزهايمر، وليس المغفرة لأنه لم ولن يتوب

قدم لنا الفيلم السم فى العسل، كما قدم لنا رسالة مشبوهة مغلفة بواقع مزيف، ولم أره إلا أفيشاً يظهر الرحمة ويبطن العذاب

إن عداءنا ليس مع اليهودية واليهود ، فالإسلام احترم جميع الأديان السماوية، بل هو مع صهيونية "إسرائيل" وإرهابها وإجرامها ، والصهاينة بممارستهم وعنصريتهم ليسوا "ولاد عم" بل هم ..لقطاء

ريم المصرى

الخميس، 18 فبراير 2010

يومٌ للحب..و أُخر لغيره !




لماذا نحب فى يوم واحد فقط، ونحتفل فى عيدٍ له فى السنة ؟

إن رحلة الحب فى حياة الإنسان هى رحلة عمره تبدأ منذ طفولته، وحتى كهولته

فالذى يدفع عجلة الحياة هو الحب، والذى يخفف كدر العيش هو الحب، والذى يشحذ الطاقات والهمم هو الحب

إن بذل المشاعر وإظهارها له قداسة، وليس توقيت ، له معنى وليس مظهر، له تعبير وليس احتفال
إن أكثر ما يقلل من قيمة الحب فى زماننا هذا هو أن نجعل له يوماً وعيدًا نفتعل فيه المشاعر، فنرمز للحب ونقائه بلون الدماء

ونسطحه فنمثله فى قلبٍ أو دمية، أو حتى بطاقة تحمل بعض العبارات التى لم تخرج بطريقة تلقائية، وإنما كانت لأن اليوم هو عيد الحب

إن الحب أكبر وأعمق من أن نجعل له يوماً ...نصبغه بلون الدماء..نخصصه للعشاق..نقصره على عبارات الهيام

لا أعترض على التعبير عن الحب بكل الصور، ولكن الاعتراض هو انسياقنا وراء هذا "الفالنتين" الذى يُنسب له عيد الحب، فما روى عن هذا القديس من أساطير لا تمت للحب بصلة

أهكذا نهرع وراء أى مستورد سواء سواء أكان ثقافياً، أو اجتماعياً دون التفكير فى أصله ومنشأه!!

وعندما اعترض رجال الدين على الفالنتين فهم البعض أن الإسلام يعترض على تخصيص عيدا للحب، أو يوما للحب واتهموا رجال الدين بالرجعية والجمود

بالرغم من أن رجال الدين المسيحى هاجموا هذا العيد قبل القرن الخامس عشر ميلادى وتم إيقاف الاحتفال به فى إيطاليا نظرا للتعبير المخالف للدين عن هذا العيد حينئذٍ ، ثم عاد الاحتفال به بعد فترة

لم أرغب فى التعرض للبعد الدينى للاحتفال بهذا اليوم ..إلا أن المقام يدعونى لدفع تهمة إنكار الدين لمشاعر حفل بها الإسلام
فجعل للمتحابين منزلة يوم القيامة
ودعانا لأن نعبر عن الحب بكل الوسائل
بالرمز فأوصانا الرسول "تهادوا تحابوا"
بالمشاعر "حب لأخيك ما تحب لنفسك"
بالكلمات "الكلمة الطيبة صدقة"

وكثير من الوصايا النبوية التى تحث على وجوب المحبة بين الناس، وأساسها فى الزواج، وحتميتها بين الأسرة، وأهميتها فى المجتمع

وحتى المشاعر الخاصة التى لم ينكرها بل قننها وباركها ولم ير للمحبين مثل النكاح "ولم يستح حين تحدث عن حبه للسيدة خديجة قائلاً "إنى رزقت حبها"

إن تخصيص يوم واحد للحب قد يضعنا فى مفارقة فماذا للأيام الأخرى؟

هل لو اخترع لنا الغرب عيدا يسمونه عيد الكراهية ليكره كل منا فيه شخصاً، أو نظاماً، أو عدوا.. هل سيهرع البعض للتعبير عن مشاعر البغض نحودولة مغتصبة، أو عدو غاشم، أو شخص ظالم؟
فلنجعل المشاعر محلها القلب، وليحتفى كل منا بطريقته للتعبير عنها، فمن أراد أن يجعل لها يوما فله ما شاء ، ومن أراد أن يجعل لها أياما فهنيئاً له ما فعل

الأربعاء، 17 فبراير 2010

الفوز العظيم




تابعا جميعاَ مباريات بطولة الأمم الأفريقية ، وقد داخلتنا مشاعر كثيرة

الزهو الذى يخالطه الخوف..الكرامة المصرية التى رأى الآخرون أن استعادتها ستكون بفوزنا على الجزائر..

الفخر بأداء اللاعبين وبأخلاقهم وتدينهم...

حتى أن هناك من هاجم حسن شحاتة واتهمه باختيار المنتخب بناءً على معايير دينية، ودار جدل
واسع بهذا الشأن

رغم أنه لو افترضنا أن اختيار الجهاز الفنى للاعبين كان على أساس دينى أخلاقى؛ فهذا له أبعاد رياضية تحسم التزام اللاعب بعمله وتدريباته

وكلل الله جهود المنتخب بالفوز..وعادت لنا الكرامة المدحورة فى السودان بفوزٍ راقٍ ، كما اعتبره البعض

وكان من الممكن أن يصبح انتصارنا أكبر قدرا لو أن الفضائيات تخلت عن لغة الشماتة فى الخطاب ..فالفرحة تجلب التسامح، وتجُب ما قبلها

تحلى البعض بسمو الخطاب الإعلامى والروح الجميلة التى تعفو عند المقدرة، وظهرت للأسف الأبواق التى نعقت مجددة نار الفتنة بين مصر ودولة عربية مسلمة بسبب مجال من المفروض أن يتسم بالروح الرياضية

فلا تشوهوا انتصارنا النفيس بمعارك رخيصة

أما وقد انتهت البطولة بفوز مصر..فقد حان موعد وقفة مع النفس لنحلل بطولتنا ،ونحاول أن نكررها فى مجالات أخرى ..

وتعالوا جميعا نسأل أنفسنا هذه الأسئلة

هل فزنا أم انتصرنا؟ ومن الفائز ومن الخاسر؟

وماذا حققت لنا البطولة؟ وماذا قدمنا لها حتى نحصل عليها؟ وما مدى استفادتنا منها

نعم قد انتصرنا فى المباراة (وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم)

لم تكن البطولة بسهلة، ولم يكن النصر يسيرا.. إلا بتوفيق من الله

لم يكن اختيار حسن شحاتة للاعبين بوساطة ، ولا لأن كابتن الفريق ابن فلان ..والمهاجم ابن علان..بل كان الفريق من بسطاء الشعب ،ومن قرى مصر ونجوعها

كانت الكفاءة وحسب ، وتزكيها أخلاق اللاعبين وتدينهم

هذا وقد قدمت لنا البطولة ثقة افتقدناها ..وفرحة فقدناها..ووحدة طالما ناشدناها

فالشعب يبحث عن الفرحة بعد أن وئدت..عن أى شىء يجمعه بعد أن فرقته الكوارث...وعزلته ظروف العيش فبات يدور وحيدا رغم الزحام فى رحايا لا تتوقف للبحث عن لقمة العيش..

إذن فاجتماع الشعب أمر ليس صعبا..ووحدة الأمة أمر ليس مستحيلاً

ماذا قدمنا للفوز وللمنتخب كى يربح فى البطولة؟

قدمنا الدعم المادى بلا عجز فى الميزانية

قدمنا فريقاً مدرباً، وكوادر اختيرت على أساس صحيح

قدمنا قائداً واعياً يعمل لنصرة فريقه، وفرحة شعبه، ورفعة وطنه

حددنا الهدف فكان جليّاً..وقدمنا له كل ما يحققه..

كانت هناك استراتيجية مرسومة..موعد للمحاسبة أو المكافأة

نحن لدينا فى كل مجال منتخب..لدينا علماء وأدباء وفنانون وعباقرة ينتظرون اختيارهم فى المنتخب

فإذا أنفقنا على البحث العلمى بسخاء كما أنفقنا على الكرة ؛ لظهر عندنا منتخب العلماء

ولو ارتفعت ميزانية التعليم واهتممنا بالفريق المعلم والمتعلم؛ لظهر لنا جيلا مختلفا يحق لنا أن نفخر به كفخرنا بالمنتخب، وربما أكثر

واذا أسقطنا هذه البطولة على واقعنا السياسى فلنا أن نتخيل الآتى

حسن شحاتة القائد والجهاز الفنى معاوناً ،الملعب بأدواته هو الوطن ، اللاعبين هم الوزراء والمسؤولين، والجمهور هو الشعب

أدار حسن شحاتة "القائد" فريق اللاعبين المنتقى بعناية ،بحزم ورقابة، والتزام من الجانبين

رفض المعونات الأجنبية أوالمدرب الأجنبى ، فملكوا جميعا أمرهم

أدى اللاعبون أدوراهم بكل إتقانٍ وتفان ؛لأن لا مكان فى الملعب لكسول أو فاشل

كان الشعب مؤيدا ومشجعاً ودافعا للجميع نحو أداء أفضل

اعتصم الجميع بحبل الله ..سجدوا لله شكرا..فكان النصر

الفوز ورد فى القرآن ثلاثة أنواع وهو.. الفوز المبين، والفوز الكبير ،والفوز العظيم

أعلاها مرتبة العظيم، وفسره المفسرون على أنه الفوز بالجنة

يارب ....النصر....والفوز العظيم

الأحد، 3 يناير 2010

يا أمة سخرت من فعلها الأمم

الجزائر تدعو البلدان العربية والإسلامية لمقاطعة مصر

النشطاء الأجانب يهتفون ضد مصر لوقف الجدار

شيخ الأزهر يفتى بشرعية الجدار والإعلام الصهيونى يشيد بالفتوى

أصبح العدو صديقاً ..وبات الصديق عدوا..وصار الأخ من ألد الأعداء حتى أننا أقمنا دونه جدارا ..ومنعنا عنه نسائم الحياة.. وعرقلنا شريان الحياة

ألم تشعر الحكومة بالخزى أمام العالم فى الوقت التى تهتف المظاهرات فى كل العالم برفع الحصار ونحن نُحكمه بوقف حفر الإنفاق, وإقامة الجدار, وعرقلة قافلة شريان الحياة ,ودعم العدو بكل وسيلة حتى من ثروات مصر التى لا تملكها الحكومة حتى تهبها لمن تشاء

إن العار لا يلازم حكومتنا فقط , ولا يلاحقنا أيضا , وإنما مس الأمة الإسلامية والعربية ,حتى بات صنيع حكومتنا هو صنيع دولة إسلامية بأخرى استنكره العالم بأكمله

انتقدت صحيفة لوس أنجلوس الأمريكية بناء الجدار واتهمت الحكومة المصرية بالانحياز إلى العدو الصهيونى والمساهمة فى قتل مليون ونصف فلسطينى

إذن لم يصفق العالم لقرار الحكومة..ولم تثن الصحف الغربية على هذا العمل البطولى حتى أن بعض الصحف قالت إن مصر تبنى السد الواطى بعد السد العالى


كان المتوقع أن ينتفض الأزهر للجدار لكونه مساهمة فى قتل المسلمين الأبرياء ولكن كانت المفاجأة التى تجعلنا نتساءل لماذا سمحت الحكومة اليوم بتدخل الدين فى السياسة؟

لماذا أرادت أن تغلف قرارا سياسيا بحتا بغلاف ديني وكأن كل القوانين السياسية تحتكم إلى الدين حتى كدنا نظن أن مصر أصبحت دولة مدنية ذات مرجعية دينية!!!!

فلم تجن من وراء ذلك إلا فقد مزيد من الثقة والمصداقية فى قرار سياسى ظاهره الرحمة بالوطن وباطنه العذاب لأهل غزة.. والفتوى التى يراد بها إلباس ثوب التقوى للخِسة

كان قرار حشر الأزهر فى هذا القرار السياسى الذى ليس له أى دافع غير إرضاء الصهاينة قرارا ساذجاً لم يخفف من حدة الغضب الشعبى بل بالعكس


لم تمنع القوانين الدولية ولا الإنسانية السلطة ما فعلت ..بل أرادات أن تضفى أى شرعية مزيفة على فعلها ولم يحدث

إن العالم اليوم فى القاهرة متجسدا فى النشطاء الدوليين يتظاهر ضد مصر ويهتف ضد الجدار والعدو الصهيونى ..يعتدى عليه الأمن..يُحاصر فى الشوارع والفنادق ولم تستح السلطة فى أن تكشف عن وجهها القبيح للعالم

إن مصر بتاريخها الطويل ودعمها للقضية الفلسطينية..أصبحت اليوم شريكاً للعدو الصهيونى يهتف ضدها سواء بسواء مع ((إسرائيل))

إن التاريخ اليوم سيظل شاهدا على الخيانة طالما هذا الجدار باقٍ..فاهدموا الجدار حتى لا يكون عليكم شاهداً وكفى بخيانتكم أن تظل اتفاقية أو قرارا قد يمزقه الشرفاء بعد حين

أوجعنى وأفزعنى تعليق أحد إخواننا الفلسطينين عندما قال أحتسب قول الله فيكِ يا مصر"فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا"

وشعب مصر جميعه يرد يا حكومة مصر " إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ"

إلهى...لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا

 
Design by Wordpress Theme | Bloggerized by Free Blogger Templates | coupon codes تعريب : ق,ب,م