الأحد، 4 يوليو 2010

المختلون والمعتلون


مختل عقلياً

مصطلح أو تشخيص أصبح المسؤولون وليس المختصون يطلقونه على كل ما طفح من ظواهر على المجتمع متمثلة فى قيام شخص، أو عدة أشخاص بها

فحادثة بنى مزار أغلقت بعد أن اتهمت الشرطة بريئا أطلق عليه مختل عقليا، وماتت القضية بعدما أثبت المختل أنه ليس مختلا

وبالرغم من أننى لا أحب أن أقدم نماذج من كيان لا نعترف به.. إلا أن وزارة الصحة التابعة للكيان الصهيونى قامت بعمل دراسة أثبتت نتائجها أن ربع سكان "إسرائيل" يعانون من الخلل العقلى وأمراض نفسية متنوعة أرجعها المختصون أنها بسبب الوحشة والغربة التى يشعر بها السكان الذين نزحوا من أوطانهم الأصلية

فعندما يعج المجتمع بخلل نفسى واعتلال لابد من دراسة توضح لنا أسباب ذلك هذا إن جهلنا السبب ، وهنا كان الاعتراف بالخلل ليس إلا لمعالجة أسبابه وليس لجعله "شماعة"

ولكن يبدو أننا نعلق كل خلل مجتمعى أو قيّمى على عبارة مختل عقليا وكأننا نحمل الأقدار ما اقترفته إيدينا، وما فعلته الحكومات المتعاقبة فى تركيبة الشعب المصرى الذى أصبح يطفح بالأمراض الاجتماعية ويئن من الأمراض الجسدية

فما حدث بين شعبين شقيقين بسبب مباراة هل هو دليل على الخلل النفسى أم خلل قيّمى ومجتمعى أصاب الشعبين رغم ما بينهما من تاريخ مع العلم أن الجزائر أصابها ما أصاب مصر من فساد وبطالة وغيرها من المدخلات التى لن تفرز لنا إلا خللا قد يكون أحد مخرجاتها

ومؤخرا قرأت حادثة غريبة يهتز لها من يشعر ببعض مسؤولية نحو هذا المجتمع الذى شوهه المسؤولون
شخص بقطع جزءا حساسا من جسده ويلقيه أمام المارة لفشله فى الزواج وهو على مشارف الأربعين ، وقد علل فعلته عندما نُقل للمستشفى وهو فى حالة سيئة أنه "زهق ومش عارف يعمل إيه ولا عارف يتجوز"

وطبعا كان التفسير الحاضر هو انه مختل نفسيا

والواقع يقول أن الخلل الكبير يكمن فى المجتمع وفى الظروف الاقتصادية المتدنية للشباب ..والتى دفعت شابا عجز عن أن يعف نفسه فقطع رمز عفته، وفقد رجولته من منظور البعض، وخاصة أنه من أهل الجنوب

حتى ولو اعترفنا مع من صرح ان الشاب مختل عقليا ففظاعة الحادث يدعونا إلى أن نقف امام الحادثة لنعرف لم حدث الخلل؟ وكيف نعالجه؟ حتى لا يستشرى.. ونجد أنفسنا أمام ملايين من المختلين

إن شبابنا ليس مختلاً ..

ولكن العلل تتوطن فى هذا الوطن..والخلل أصبح قانونه

من العجب فى حادثة قتيل كترمايا هو محاولة اللعب بورقة الخلل النفسى فأهل الجانى ينفون عنه أى معاناة من خلل أو مرض ، وأهل المجنى عليهم يحاولون إلصاق الخلل النفسى به ليكون مبررا لحادثة لم تتأكد صحتها للآن

وفى الحقيقة أن الخلل فى معالجة الحادث كما كان فى كثير من الأمور

فمعاناة المصريين فى الخارج وإهانتهم يعد خللا..والحملة التى تدعو لكراهية مصر تدعونا لنتوقف عند هذا الخلل الذى أصابنا، أو بالأحرىنبحث أسبابه إن جاز القول بدعوى أننا قد تصيبنا حمى الوصول إلى الحقيقة وليس "طرمخة الحقائق"

وكأن الخلل النفسى أصبح شماعة لملابس رثة لا يجوز لها الغسيل ولا حتى" الدراى كلين" رافضين أن نلقيها ونغلق خزانة الملابس، ونشترى أخرى جديدة نظيفة نستطيع أن نواجه بها الآخرين

ومثلما يقال (رمتنى بدائها وانسلت) فقد رموا المجتمع بما هو متأصل فيهم

فنلاحظ أن الخلل النفسى لا ينطبق على ما يحدث داخل أقسام الشرطة أو خارجها بفضل قانون الطوارئ حين يتم تعذيب 850 حالة داخل قسم الشرطة ويتوفى منهم العشرات ولم يفلت طفلا ولا شيخا!

فأى خلل الذى يدعو كائنات انتسبت إلى البشر بتعذيب طفل فى الثالثة عشر حتى الموت فى المنصورة ثم تصدر الداخلية بيانا بوفاته بسبب الالتهاب الرئوى!

فظابط يقتل مواطن من التعذيب لا يعنى أنه يعانى من خلل نفسى أو سادية!

ومخبر يلاحق شاب ويحطم رأسه وسط المارة.. لا يعد خللا !

ومعتقلات التعذيب التى أصبح مقارها أقسام الشرطة فتتحول جهة من المفروض أن تكون للفصل بين المختصمين إلى شرك يقع فيه من يمر به ومن مرّ هو عليه.. لا يعد خللاً !

وحكومة تعامل مواطنيها بشكل لا يوجد إلا فى مصر فتفرض مرشحًا وتقوم بإنجاحه وتزوّر.. غير مبالية بمعارضة ،ولا بمنظمات حقوقية، ولا بواجهة إعلامية أمام العالم.. لا تعانى خللا!

والأكثر أننا أصبحنا نعلن الخلل ونجعله واجهة سياحية فقد حاول مصرى منذ أسابيع قتل سائح بلجيكى، وأطل علينا مصدر أمنى بأن الجانى مختل عقليا فلا مانع أن تكون مصر بلد المختلين بدلا من النيل والأهرامات وهذا الكلام الفارغ

نعم ...نحن معتلون.. فالأمراض الجسدية أصبحت تنهش المصريين ،والأمراض الاجتماعية تفتك بالمجتمع، وتمزقه

ومختلون ..فقد أصابنا ما أصاب المسؤولون من خلل .. وكيف لعاقل أن يتعايش بين قوانين مختلة وأعراف فاسدة وفطر منحرفة؟

فماذا نحن فاعلون لمعتلين ومختلين مصابون بانحراف فى النحل والملل يحكمون ويتحكمون .. فأصابونا بالخلل والعلل؟؟؟



 
Design by Wordpress Theme | Bloggerized by Free Blogger Templates | coupon codes تعريب : ق,ب,م