وصدقَ الشاعرُ حين قال..........
ليس اليتيم من انتهى أبواه *** من همّ الحياة وخلّفاه ذليلاً
إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أمّا تخلّت أو أباً مشغولاً
عيونٌ كسيرة ..وجوه شاحبة تحملها أجساد هزيلة
أطفال ليسوا بأطفال.. فقد رسمت قسوةُ الحياة خطوطها على قسماتهم
ونحتت قسوةُ البشر نحولا فى أجسادهم
اتحد الفقرُ والذل والجهل والعراء ومعهم اليُتم فخّلفوا جميعا ..........
حين تسمع اللفظ قد يقفز إلى مخيلتك صورة لتشردٍ أو إجرام
وحين ترى من يحملون اللفظ تدرك خطأ ما تصورته ..وحين تتحدث إليهم تيقن ظلمك لما أدركته
حملنا تصورنا وإدراكنا ويقيننا معاً وذهبنا إلى إحدى المؤسسات التى تؤوى أطفال الشوارع
وحملت لجنة المرأة بنقابة الأطباء ملابس وأحذية لهؤلاء الأطفال كانت لها أثرا كبيرا فى إدخال السعادة والبهجة على نفوسهم
التقيت خلسة بعيدا عن المسؤولين ببعض الأطفال وكان لى معهم حوارا سريعا أردت به أن أغوص فى نفوس هؤلاء الأطفال قبل عقولهم
أ م
طفل فى التاسعة من عمره
براءة ممزوجة ببؤس...ملامح شقاء على وجه كان ذات يوما طفوليا
أنت هنا من امتى؟
من 3 سنين
وقبل كده كنت فين؟
كنت فى الشارع
بتعمل إيه فى الشارع؟
بابيع مناديل..أمسح عربيات..أى حاجة
وتنام فين؟
فى اى حتة تحت كوبرى على البحر مثلا
وليه ما ترجعش تنام فى البيت ؟
انا طفشت منه من زمان
ليه؟
اتخنقت
من ايه ؟
من قلة الأكل وقلة النومة ومفيش فلوس ومفيش مكان
ومين اللى جابك هنا؟
البوليس
مبسوط هنا ؟
يلتفت حوله فى ريبة ويجاوبنى بإجابة لمحت عكسها فى عينيه
أيوه
حد بيضربك؟
لما باعمل حاجة غلط
وبتتعلم حاجة هنا؟
بتعلم خياطة
حريمى ولا رجالى؟
حريمى
يعنى ممكن ابقى آجى لك تخيطى لى عباية؟
أيوه
وعد؟ ولا تقولى انا عندى شغل كتير وتوزعنى؟
لا وعد .. ابقى تعالى معايا هافرجك على الحاجات اللى بتعلمها
بتعرف تقرا وتكتب؟
لا؟
مش عاوز تتعلم؟
عاوز وهابقى آخد محو الأمية
إيه اللى مش بتحبه فى المكان؟
مش باحب يوم الخميس والجمعة؟
ليه؟
علشان بارّوح لاهلى واخواتى
وانت مش عاوز تروّح؟
لا
ليه؟
علشان ابويا مش عاوز ياخدنى من هنا
طيب وانت مش بتبقى مبسوط وانت رايح تشوف اخواتك؟
بابقى وباخد لهم حاجات حلوة معايا
إن شاء الله أما تبقى ترزى كبير تفتح محل والمحل يكبر ويبقى مصنع وتاخدهم معاك يشتغلوا
ابتسم لى بسخرية : آه
المرة الجاية آجى ألاقيك فصلت حاجات حلوة كتيرة واتفرج واقولك تعمللى زيها
ماااشى
..........
م.
صبى فى السادسة عشر
لفحة شمس حارقة...علامات غائرة فى وجهه تنبىء عن ماضٍ أليم .. لعثمة فى كلامه وثقل فى لسانه ..ربما كان ناتجا من شرخ فى كيانه ..أو من تعاطى المخدرات ..لم استفسر..ولم أشأ
ازيك يا (..)
الحمد لله
أهم حاجة فعلا إننا نقول الحمد لله ..صح؟
أه
انت هنا من امتى؟
لم يتذكر تحديدا وأعتقد أنه حديث العهد بالمكان
تفتكر قبل ما تيجى كنت فين؟
كنت فى حتة تانية؟
وأهلك سبتهم من امتى؟
مش فاكر كنت صغير
ومين اللى جابك المكان ده؟
البوليس
أنت كنت فى الشارع؟
أيوه
بتعمل إيه؟
ولا حاجة؟
مش بتشتغل؟
ساعات
وهنا بتتعلم إيه؟
ولا حاجة
بس هنا أحسن من الشارع مش كده؟
أه
بتعمل ايه طول النهار؟
مفيش
مش بتروح رحلات ساعات مع إخواتك هنا؟
لا
وانصرف عنى حين ناداه المشرف وأدركت أن هناك من لا يجيد الإعلان عن نفسه أو المطالبة ببعض حقه قد يكون (م) أحدهم
قد ينفع الأدب الأحداثَ في صغر *** وليس ينفعهم في بعده الأدبُ
إن الغصونَ إذا عدّلتها اعتدلت *** ولا يلينُ إذا قوّمتَهُ الحطبُ
...........
ش..
صبى فى السابعة عشر من عمره ..حصل على الإعدادية
لديه بعضٍ من وعى..ورغبة فى سعى ...مزيد من شقاء ..وكثير من نقاء
شفقة...ود...تعاطف مشاعر جمة تشعر بها حين تبادر معه بالحديث
عامل إيه يا (..)؟
الحمد لله كويس
مبسوط هنا؟
الحمد لله
هنا من امتى؟
من سنة تقريبا
وقبل كده؟
كنت فى مؤسسة تانية فى..
قعدت فيها أد إيه؟
كتير
وأهلك؟
معرفش ليا أهل
شعرت بالندم على سؤالٍ لم ينكأ إلا جروحاَ لا أظنها قد التئمت فأدرت دفتى للحديث عن المستقبل وآماله تاركة الماضى بآلامه
أكيد فى حاجات كويسة حققتها فى حياتك وأخرى نفسك تحققها.. كلمنى عنها
أيوه..انا أخدت 3 شهادات تقدير ونجحت فى الإعدادية ونفسى أكمل تعليمى
ما شاء الله واضح إنك فعلا مجتهد ،فى مدرسين بيساعدوك فى المذاكرة أو الشرح؟
قليل جدا.. واتعودت إنى أذاكر لوحدى
بتتعلم حاجة بجانب الدراسة؟
أيوه بتعلم الخياطة
لك هوايات يا (..)؟
أه أنا باكتب قصص وشعروأخدت جايزة
انتابنى سرور ودهشة معاً
ماشاء الله..طيب ما تجيب ليا حاجة من شعرك ..وممكن أنشرها لك
مفيش معايا حاجة دلوقت بس انا كاتب قصة اسمها (كفاح شاب) ممكن أقولها لكِ
طيب ما تديها ليا أصورها وأجيبها لك تانى
لا ده انا حافظها ..ممكن أحيكها لكِ
ياريت..ده يبقى من حسن حظى
القصة طويلة استمر (..) فى سردها ما يقرب من عشرين دقيقة.. استمعت له بانصات وشغف وأنا أبدى له إعجابى بكل ما يرويه
القصة بها كثير من الأحداث غير المنطقية والمعجزات التى ربما تمنى (..) أن تحدث له ليتغير واقعه.. بريق فى عينيه يبدو حينما كان يروى حلا لمشكلة أشبه بمعجزة تعترض البطل . .والوجود الدينى موجود بداخل القصة فإن دل فإنما يدل على بذرة طيبة بداخل كاتبها
تعاطفت معه وأحسست أنه تمنى أن يكون هو بطل القصة
سألنى فى النهاية إيه رأيك فى القصة وفى فلان بطل القصة
القصة جميلة جدا والبطل مكافح فعلا والمرة الجاية نتكلم فى أعماله وأفعاله
أنت نفسك تبقى زى بطل القصة؟
بصراحة.. أيوه
وهتعمل إيه لو بقيت مكانه؟
هاعمل مشاريع وأشغل الناس وأساهم فى حل مشكلة البطالة ومشاكل كتيرة
إن شاء الله هتكون زيه وأحسن بس أهم حاجة الإصرار والعزيمة والتسلح بالإيمان علشان ربنا يوفقك..
..................................
انتهت زيارتى ..
ولدى يقين أن هؤلاء الأطفال بداخلهم بذرة طيبة تحتاج لمن يرويها ويعطيها فتنبت أملاً وتُثمر عملاً
وبداخلى مشاعر تخالف ما بدأت به تلك الزيارة
لا أبالغ حين أقول أننى شعرت تجاههم بالحب وليس فقط التعاطف أو الشفقة
وودت لو احتضنتهم جميعا عند توديعى لهم لولا شاربا قد خط فى وجوه بعضهم منعنى من ذلك ..
فاكتفيت بالسلام... وبداخلى بالدعاء
ريم ابو الفضل
تم استبدال الصور الأصلية بصور أخرى حفاظا على خصوصية هؤلاء البراعم
إيه اللى مش بتحبه فى المكان؟
مش باحب يوم الخميس والجمعة؟
ليه؟
علشان بارّوح لاهلى واخواتى
وانت مش عاوز تروّح؟
لا
ليه؟
علشان ابويا مش عاوز ياخدنى من هنا
طيب وانت مش بتبقى مبسوط وانت رايح تشوف اخواتك؟
بابقى وباخد لهم حاجات حلوة معايا
إن شاء الله أما تبقى ترزى كبير تفتح محل والمحل يكبر ويبقى مصنع وتاخدهم معاك يشتغلوا
ابتسم لى بسخرية : آه
المرة الجاية آجى ألاقيك فصلت حاجات حلوة كتيرة واتفرج واقولك تعمللى زيها
ماااشى
..........
م.
صبى فى السادسة عشر
لفحة شمس حارقة...علامات غائرة فى وجهه تنبىء عن ماضٍ أليم .. لعثمة فى كلامه وثقل فى لسانه ..ربما كان ناتجا من شرخ فى كيانه ..أو من تعاطى المخدرات ..لم استفسر..ولم أشأ
ازيك يا (..)
الحمد لله
أهم حاجة فعلا إننا نقول الحمد لله ..صح؟
أه
انت هنا من امتى؟
لم يتذكر تحديدا وأعتقد أنه حديث العهد بالمكان
تفتكر قبل ما تيجى كنت فين؟
كنت فى حتة تانية؟
وأهلك سبتهم من امتى؟
مش فاكر كنت صغير
ومين اللى جابك المكان ده؟
البوليس
أنت كنت فى الشارع؟
أيوه
بتعمل إيه؟
ولا حاجة؟
مش بتشتغل؟
ساعات
وهنا بتتعلم إيه؟
ولا حاجة
بس هنا أحسن من الشارع مش كده؟
أه
بتعمل ايه طول النهار؟
مفيش
مش بتروح رحلات ساعات مع إخواتك هنا؟
لا
وانصرف عنى حين ناداه المشرف وأدركت أن هناك من لا يجيد الإعلان عن نفسه أو المطالبة ببعض حقه قد يكون (م) أحدهم
قد ينفع الأدب الأحداثَ في صغر *** وليس ينفعهم في بعده الأدبُ
إن الغصونَ إذا عدّلتها اعتدلت *** ولا يلينُ إذا قوّمتَهُ الحطبُ
...........
ش..
صبى فى السابعة عشر من عمره ..حصل على الإعدادية
لديه بعضٍ من وعى..ورغبة فى سعى ...مزيد من شقاء ..وكثير من نقاء
شفقة...ود...تعاطف مشاعر جمة تشعر بها حين تبادر معه بالحديث
عامل إيه يا (..)؟
الحمد لله كويس
مبسوط هنا؟
الحمد لله
هنا من امتى؟
من سنة تقريبا
وقبل كده؟
كنت فى مؤسسة تانية فى..
قعدت فيها أد إيه؟
كتير
وأهلك؟
معرفش ليا أهل
شعرت بالندم على سؤالٍ لم ينكأ إلا جروحاَ لا أظنها قد التئمت فأدرت دفتى للحديث عن المستقبل وآماله تاركة الماضى بآلامه
أكيد فى حاجات كويسة حققتها فى حياتك وأخرى نفسك تحققها.. كلمنى عنها
أيوه..انا أخدت 3 شهادات تقدير ونجحت فى الإعدادية ونفسى أكمل تعليمى
ما شاء الله واضح إنك فعلا مجتهد ،فى مدرسين بيساعدوك فى المذاكرة أو الشرح؟
قليل جدا.. واتعودت إنى أذاكر لوحدى
بتتعلم حاجة بجانب الدراسة؟
أيوه بتعلم الخياطة
لك هوايات يا (..)؟
أه أنا باكتب قصص وشعروأخدت جايزة
انتابنى سرور ودهشة معاً
ماشاء الله..طيب ما تجيب ليا حاجة من شعرك ..وممكن أنشرها لك
مفيش معايا حاجة دلوقت بس انا كاتب قصة اسمها (كفاح شاب) ممكن أقولها لكِ
طيب ما تديها ليا أصورها وأجيبها لك تانى
لا ده انا حافظها ..ممكن أحيكها لكِ
ياريت..ده يبقى من حسن حظى
القصة طويلة استمر (..) فى سردها ما يقرب من عشرين دقيقة.. استمعت له بانصات وشغف وأنا أبدى له إعجابى بكل ما يرويه
القصة بها كثير من الأحداث غير المنطقية والمعجزات التى ربما تمنى (..) أن تحدث له ليتغير واقعه.. بريق فى عينيه يبدو حينما كان يروى حلا لمشكلة أشبه بمعجزة تعترض البطل . .والوجود الدينى موجود بداخل القصة فإن دل فإنما يدل على بذرة طيبة بداخل كاتبها
تعاطفت معه وأحسست أنه تمنى أن يكون هو بطل القصة
سألنى فى النهاية إيه رأيك فى القصة وفى فلان بطل القصة
القصة جميلة جدا والبطل مكافح فعلا والمرة الجاية نتكلم فى أعماله وأفعاله
أنت نفسك تبقى زى بطل القصة؟
بصراحة.. أيوه
وهتعمل إيه لو بقيت مكانه؟
هاعمل مشاريع وأشغل الناس وأساهم فى حل مشكلة البطالة ومشاكل كتيرة
إن شاء الله هتكون زيه وأحسن بس أهم حاجة الإصرار والعزيمة والتسلح بالإيمان علشان ربنا يوفقك..
..................................
انتهت زيارتى ..
ولدى يقين أن هؤلاء الأطفال بداخلهم بذرة طيبة تحتاج لمن يرويها ويعطيها فتنبت أملاً وتُثمر عملاً
وبداخلى مشاعر تخالف ما بدأت به تلك الزيارة
لا أبالغ حين أقول أننى شعرت تجاههم بالحب وليس فقط التعاطف أو الشفقة
وودت لو احتضنتهم جميعا عند توديعى لهم لولا شاربا قد خط فى وجوه بعضهم منعنى من ذلك ..
فاكتفيت بالسلام... وبداخلى بالدعاء
ريم ابو الفضل
تم استبدال الصور الأصلية بصور أخرى حفاظا على خصوصية هؤلاء البراعم
3 التعليقات:
موضوع قيم
مزيد من الابداع والتألق
تقبل مروري
موضوع جميل ولكن يشعل في أركاننا مزيدا من الأسى الذي يرويه رؤيتنا لهذه الطاقات المهدرة
سنحاسب جميعا .. لذا يجب أن نعمل بجد ليكون حسابنا يسيرا
موضوع قيم
مزيد من الابداع والتألق
اعرف برجك
إرسال تعليق