الخميس، 9 يونيو 2011

شرفتى .. وزائر الفجر


غالبا....أصلى فجرى قبل نومى ؛ لأننى من الأشخاص الذين لا يستغرقون بسهولة فى نومهم..فكان ذلك عهدهم

وإن نمت قبل الفجر ثم استيقظت للصلاة..فمن المستحيل أن يعود النوم لجفونى بعد أن غادرها..

قبل أن أتوسد فراشى لابد أن أُخرج من غرفتى ساعة الحائط رغم أنها لا تدق، فلا أستطع النوم من صوت عقاربها الرتيب..ولم تناسبنى الرقمية لإضائتها

أطفئ الأنوار كلها ..أغلق الباب فلابد أن يجتمع ثلاثية الهدوء، والظلام، والتوحد

إنهم ساعتين قبل الصباح ،لليوم زاد، وللعمل عتاد

أقسم على النوم أن يأتى سريعا ..أغلق جفونى ..أعد من واحد إلى عشرة...قد أتجاوز المئة

وهاهو بدأ يتهادى...غفوة..وسن..ثم..........

انتفض فجأة لصوته..

ألعنه فى صمت..يتمادى
أتمتم بغضب..يتعالى..
أعلن غضبى.. بعد أن فرّ نومى

هل أهدم شرفتى التى استحل الوقوف عليها..أم أرحل وأترك له الشرفة بملحقاتها؟ أم أضع له كميناً وعندئذ ...

سيناريو شبه يومىّ يتكرر

لم يعدل هو عن فعلته..ولم أتأقلم أنا مع زيارته

أفقد صوابى فى الصباح قد أرد على هاتفى فى حدة ..أصيح فى وجه الجميع..أتأخر عن موعدى..يتملكنى الصداع طيلة اليوم..لم أنفذ إلا القليل من برامج أجندتى

أُرجع كل ذلك- للعصفور- الذى يتعمدنى بالقلق، ويتوعدنى بالاستمرار

أصب عليه جام غضبى طيلة اليوم...أكيل له اللعنات..أتمنى له الرحيل أو.. الموت

أنتظره أحيانا حتى يفرغ من أنشودته، أو هكذا يتصورها، ثم أخلد للنوم، وسرعان ما أستيقظ قبل ساعة على دقات المحمول

أظل طيلة اليوم أكيل له لعناتي..وأُرجع إخفاقى فى أى شىء له ..

وجاء يوم انتهيت سريعاً من طقوسى ،وأسلمت رأسى لوسادتى لأنام..فلم يأتني النوم

..فانتظرته حتى يفرغ من إنشودته فلم يأت ..وعلا رنين الخلوى .. وأنا أنتظره، ولم يأت

ظللت طيلة اليوم أتساءل لماذا لم يأت، وتكرر الحال فى اليوم التالى فلم يأت هو..ولم يأت نومى سريعا كما كنت أتوقع

وأتى الصباح .. وكنت أشد توترا من ذى قبل، فالقلق لم يختف، بل بت أفكر لماذا لم يأت العصفور!

ربما غير وعده.. ويأتينى وقتا آخر ليقلق نومى

وأتى الغد وبعد الغد.. وانتظرته فلم يأت

وبات تفكيرى ساخرا لى إلى حد ما

أى عصفور هذا الذى أفكر فيه؟
ألم يكن يؤرقنى، وكنت أكرهه
ألم أتمنى أن يذهب بلا رجعة

وغاب العصفور .....

ولم يغب القلق..وكأنهما اتفقا على أن يغادرانى معا أى" النوم والعصفور"

بل صرت أغفو قرابة الصبح، وكثيرا ما أتأخر عن موعدى
وكأن هذا العصفوركان ينبهنى ألا أغفو
وكأنه يحيينى تحية الصباح بأنشودته التى لم أرها هكذا
وكأنه يعلن لى صباح جديد ، ويستنهضنى ليوم حافل بالعمل مع صوته المفعم بالأمل

وبعدما تفكرت فى هذه الفترة الذى كان يغرد فيها العصفور .....وجدت أننى كنت فى نعمة... لم أرها هكذا

فهناك من يقلق من نومه بسبب ألم يسببه له مرض عضال
وهناك من يفزع من هجوعه بسبب أمن افتقده
وهناك من ينام بين القبور أو الزمور
وهناك من لا ينام لأنه يفتقد المأوى

لم تكن شكواى من العصفور مجرد تفاهة، بل رأيتها بعد ذلك بطرا

فاختيار العصفور لشرفتى كان منصة يُعلن حقه فى الحياة عليها ، ويُعلمنى بالحياة التى قد يكون صوته أحد معالمها

كما وجدت أننا لابد أن نتقبل أى صنيع يفعله الآخرون معنا، ونشكرهم

فقد يكونون يبذلون أقصى ما عندهم، فى حين أننا نرى صنيعهم تطفلا أو إزعاجا

فقد ظن العصفور الأعجم أنه يؤدى لى خدمة ،وكانت أقصى ما لديه.. بينما كنت ألعنه

كانت تجربة العصفور تجربة ساخرة بسيطة ، ولكنها علمتنى الكثير

علمتنى ..أن أشكر وأمتن لكل من قدم لى شيئا... حتى ولو كانت مكالمة فى منتصف الليل توقظنى من نومى

علمتنى.. أن أرى ما يقدمه لى الآخرون على أنه أقصى ما يمكن تقديمه ، حتى ولو أنا لست بحاجة له... فهذا ما لديهم

علمتنى.. أن كل ميسر لما خلق له، فلا تحقر من عمل بسيط لشخص يسعد به، ويرى أنه يقدم شيئا عظيماً

علمتنى.. أننى ربما أكون اليوم فى نعمة لا أفطن لها إلا بعد زوالها ..وقد يكون مؤرق اليوم هو ذكرى الغد

علمتنى.. أن النعمة قد ترتدى رداءً لا يظهر محاسنها ، والبصر لا يرى إلا الخارج ،أما الباطن فقد يحتاج للبصيرة


لا تنزعج من طفلك الذى يبكى

ولا تتأفف من مهموم يشكى

لا تتململ من جارك الذى يثرثر

ولا تتألم من أب ينهر وأم تزجر

لا تحزن من صديق عنك مشغول

أو تهمل عملا لم يلق لديك قبول



فكلهم "عصفور" يغرد على شرفتك...ستنزعج أكثر عندما يختفى أحدهم




الاثنين، 6 يونيو 2011

رحلة الشتاء والصيف



أرضُ الله لمن فى الأرض رحباء..

فحل وارتحل فربك فى أنحاء الكون سواء

فاتق الله حيثما كنت جهراً وفى السراء

وكن عنواناً لوطنك فإن الوطن له سفراء


قد يضيق بك العيش فتضطرك الظروف لتسعى وراءه فى مكان آخر ..فأرض الله واسعة

قد تحاصر فى وطنك..تحارب فى رزقك؛ فتفر إلى مأمن ..فأرض الله واسعة

قد ترغب فى نشر علمك...أوطلبه ..أو تلحق بمن فارقوك من الأحبة..فأرض الله واسعة

يقول الله سبحانه وتعالى (يا عبادى الذين آمنوا إن أرضى واسعة فإيّاى فاعبدون)

فالله عز وجل قد وصف أرضه بالسعة

فلا تضيق عل نفسك المكان

ولا تضيق على نفسك الرزق

ولا تضيق على نفسك الفكر

هذه ليست دعوة للسفر، أو الهروب

ولكنها كلمة موجهه لكل مسافر، وكل مضطر، وكل مغترب مهموم بأمر الوطن، وكل حزين لم يشهد تغيير التاريخ

وإن رحلت لأرض الله الواسعة بحثا عن الرزق، أو طلباً للعلم فاصطحب معك كل قيمك، وانتقى من سلوكياتك ما يليق بصحبتك .

دعونا نتصارح ….فنحن لدينا كماً من الأمثال الشعبية البالية التى تعكس ثقافة غريبة لا تليق بأى شعب متحضر

(من خرج من داره قلَ مقداره)

والحقيقة أن ليس الخروج من الدار هو من يقلل من مقدار المرء , وإنما تصرفاته وسلوكه هما السبب المباشر فى رفعة قدره , ومقداره , أو العكس

والمثل الدارج الذى يقول

البلد اللى محدش يعرفك فيها امشى (.....)

جعل القلة يلوثون من ثوب يتبارى الآخرون فى جعله يحتفظ بلون أبيض، ويهلهلون ما يرتقه الآخرون

والعكس أن البلد التى لا يعرفك فيها أحداً عليك أن تبذل قصارى جهدك؛ لكى يعرفوك معرفة صحيحة

أما أن نتصرف تصرفات مشينة بدعوى أننا لسنا فى وطننا فساء ما نحن فاعلون..ولن نلوم إلا أنفسنا

لا تنتظرحكومة تدافع عن مواطينها ؛ فالعصر البائد لم يترك لنا تاريخا نعتمد عليه ..ولاتنتظر سفارة تنتفض لرعاياها؛ فالكل غارق فى هموم الوطن بالداخل فى مرحلة شديدة الخطورة..كل منا لا يملك إلا شخصه ؛ ليكون عليه شاهداً ونصيراً

وحياة المصرى فى الخارج شبه مفقودة , ووعيه ينحيه جانبا, وثقافته ثقافة استهلاكية بحته.. ينتهج فيها مبدأ (المخزون خير وأبقى ) فسفره عبارةعن رحلتين هما ...

رحلة الشتاء والصيف

ففى الشتاء يقبع فى غربته منتهجاً مبدأ النمل فى التخزين والتوفير، ولكن بشكل عكسى.. يكدس الحقائب التى قد تكتظ بأشياء ليس له فيها حاجة

وفى الصيف يذهب لوطنه ليفرغ حقائبه، ومازال هناك مخزوناً منذ سنين لا يستعمله , وينتظر استخدامه ريثما يعود

هذه الثقافة الاستهلاكية التى أرى أنها تخرج الإنسان من كيوننته ..وتنزعه من الحياة نزعاً ..فيتفرغ للجمع والطرح ..وتتحول حياته إلى أعداد..ويصبح آلة ميكانيكية

آن الآوان لكل هذا أن يتغير،أو.....يختفى

فالثورة كما كانت ثورة تاريخ، لابد أن تكون ثورة أخلاق وقيم

فإما أن نثور على بعض أخلاقيات قلة وندفعهم لتغييرها ، أو نتحلى بأخلاق ثورة كانت لنا دعماً وسراجاً

ولنجعل رحلة الغربة ..رحلة تغيير
رحلة سفير
ينقل ثقافة.. ويرسى قيم..وينثر عبير

 
Design by Wordpress Theme | Bloggerized by Free Blogger Templates | coupon codes تعريب : ق,ب,م