جميعنا نذكر قصة درسناها بينما كنا صغارا ،وعلى ما أذكر كانت تسمى الاتحاد قوة ، وتحكى عن رجل لديه أبناء أراد أن يلقنهم درساً، فأمرهم بإحضار حزمة من الأعواد الرفيعة وناولها لكلٍ منهم، وأمرهم بكسرها فلم يتمكنوا، ففرق الأب حزمة الأعواد على أبنائه وناول كلا منهم عودا ، فكسره بسهولة ، وهنا قال الأب لأبنائه إنكم باتحادكم تكونوا مثل هذه الحزمة من الأعواد لن يستطيع أحدا أن ينال منكم
وانتهت القصة كما بدأت بأن فى الاتحاد قوة وببيتين من الشعر لازلت أذكرهما
كونوا جميعا يا بني إذا اعتـرى خطب ولا تتفرقـــــوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت أفرادا
لم أذكر أن هناك من المدرسين من أسقط هذه القصة على واقعنا، ولم يشرح لنا قيمة الاتحاد بشكل أوسع وأعمق، ولم يزرع فى عقولنا ونفوسنا الفكرة
ربما كانت التعليمات، وربما كان الخوف من الخوض فى التعليم، فقد كان النظام يريد جيلا واهيا وليس واعيا، يعلم أقل القليل ؛ حتى لا ينضح ما تعلمه على شخصه وبيئته ومجتمعه
وإن كان الماضى خشى أن نجتمع ، بل والماضى القريب خطط لفرقة أبناء الوطن الواحد، فإن الحاضر قد جمع أبناء الوطن الواحد ، والمستقبل يبشر باجتماع الأوطان كلها
فقد أيقظت الشرارة التونسية المصريين، وسرعان ما اتجهت لليبيا ،وغدا ستلهب باقى الأوطان لتطهرها من رجس حاكميها ،وترد الكرامة لقاطنيها
فبالأمس قد رحل طاغية،و اليوم رحل آخر، وغدا سينتهى آخرون ، ومع الغد يسطع نور الحرية على الوطن العربى بأكمله ، وبل ويشع بنوره على العالم كما كان فى السابق
لسنا أقل من الاتحاد الأوروبي الذي استطاع رغم تعدد لغاته ،واختلاف اقتصادياته بناء كيان قوى يعتمد على اقتصاد واحد، وعملة موحدة، وقرارات اقتصادية واحدة ؛ فأصبح له سياسة زراعية واقتصادية مشتركة...إضافة إلى الاتحاد السياسي والعسكري ، والدفاع المشترك، وما إلى آخره ، حتى قيل أن الاتحاد الأوروبى بات سلاحا فى يد أوروبا تساعد به من تشاء، وتدمر به من تشاء
لن ندمر ولكننا سنبنى لنا ،ونساعد غيرنا على البناء .. فالعرب كانوا منارة للعالم فى وقت كانت أوروبا تقبع فى غياهب الظلمات
فنحن نملك مقومات مثل وحدة اللغة، ووحدة التراث، والترابط الثقافي والفكري، والتى لم تتوفر للاتحاد الأوروبى
حينما شعرت دول غرب أوروبا بخطر الاتحاد السوفيتي عليها هرعت إلى التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية وتكوين حلف الناتو، حيث كان من بين أهدافه التصدي لأي تهديدات أمنية، وحفظ الأمن والحماية للدول الأعضاء بصرف النظر عن هدف الناتو الذى يدعيه لحماية دول العالم
ألا يجدر بنا الأمر والخطر يحدق بنا من الشرق والغرب، والعدو يأتينا من كل صوب وحدب.. ألا يدعونا هذا إلى تكوين حلف، أو اتحاد عسكرى يحمينا جميعا
لن نبدأ بعدوان فالمسلم لا يعتدى، ولكن لنرد الظالم ونحمى المظلوم، جيش يضم العرب من الخليج العربى شرقا إلى المحيط الأطلسى غربا
نعم...حان الوقت وعلينا أن نشمر عن ساعدينا
فلماذا لا نسعى لوحدة الأرض العربية التى اشتركت فيها وحدة التاريخ فجميعنا تعرضنا لنفس الأحداث التاريخية التى تساعدنا على توحيد تطلعاتنا المستقبلية نحو وحدة عربية ، بل أن تراثنا الحضارى قد جعل لنا هوية ثقافية مميزة نجتمع تحت رايتها
لماذا لا نسعى لوحدة عربية... فبينما قد توحد الزعماء فى الطغيان، وقمع شعوبهم.. توحدنا نحن فى الآلام والآمال
لماذا لا نسعى لوحدة عربية ... فالنضال يوحد المتشرذمين، والأمل يلم المتبعثرين والألم يجمع المكلوميين ،وكل هؤلاء تجمعهم راية واحدة اللغة والدم والتاريخ والأرض
فاشتراكنا فى الدافع يمهد لنا وحدتنا فى الناتج
وإذا كان حلم الحرية للأوطان بعيد المنال ثم أصبح واقعا لا محال..فمن حق حلم الوحدة أن يخرج فى الحال
كفانا حلما..دعوننا نعمل من أجل وطن واحد ..جيش واحد...سوق عربية واحدة ..عملة موحدة..اقتصاد عالمى
فلا حدود..ولا تأشيرة..ولا بلد غنية وأخرى فقيرة..لا مساحة كبيرة وأخرى صغيرة
فهذا يفيض بدلوه على آخر..وهذا مياهه تروى قفرا فتنبت قمحاً ..يطحن فى الشرق..ويعجن فى الجنوب..ويأكله المغاربة
إنه رغيف تقاسمنا زراعته..وتشاركنا لقمته
حلم راودنا طويلا..وآن الآوان ليصبح واقعا جميلا
تُرى هل سيدرس أبناؤنا غدا قصة وحدة الوطن العربى..كما درسنا نحن بالأمس قصة الاتحاد قوة..أم سنظل نسرد فى قصص، ونروى حكايات؟؟
لا..لن ندع الحلم كما هو..فمن حقه أن يولد كما ولدت حريتنا ..وسنزرع نبتة الوحدة ..فإن لم نلحق موسم الحصاد ....لحقه أبناؤنا
فلربما وقف ابنى ليهتف بما سطرته أمه قائلا ....هذه كلمات من شهدت ثورة وطن ..ولم تشهد وحدة الأوطان
هلموا يا بنى وطنى.... بلاد العُرب أوطانى
لن نبكى كما الأمس، ونلعن حلكة الدرب.. ونشكو بذل وهوانِ
فلا حدّ يفرقنا ..ولا قوة تشرذمنا ..ولن نعجز من الآنِ
فلغة الضاد تجمعنا ..وأرض حرة مسجدنا..دماء الوحدة ف شريانى
فمن قطرٍ إلى مصرٍ .. غربنا نحو مغربنا .. جنحنا إلى سودانِ
عجلنا خطانا لأقصانا..رفعنا صوت آذانِ..فجاء القاصى والدانى
توحدنا..وعين الله تحرسنا.. تسلحنا.. بعلمِ ...بقوة ..بإيمانِ
فصار النصر رايتنا.. وعزتنا فى وحدتنا..فكل العُرب إخوانى
الأحد، 8 مايو 2011
أيتها الأعواد لا تتفرقى آحادا
11:01 م
ريم أبو الفضل
1 تعليق
1 التعليقات:
دائما تبهرنا بمواضيعك المميز الف شكر
إرسال تعليق